[سُورَةُ الْجُمُعَةِ فِيهَا آيَتَانِ] [الْآيَة الْأُولَى قَوْله تَعَالَى يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ]
الْآيَةُ الْأُولَى قَوْله تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [الجمعة: ٩]. فِيهَا سِتَّ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَوْلُهُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [الجمعة: ٩] ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْمُخَاطَبَ بِالْجُمُعَةِ الْمُؤْمِنُونَ دُونَ الْكُفَّارِ. وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي كُتُبِ الْأُصُولِ وَغَيْرِهَا وَهَا هُنَا أَنَّ الْكُفَّارَ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ، وَمِنْ جُمْلَتِهَا الْجُمُعَةُ. وَإِنَّمَا خُصَّ بِهَذِهِ الْآيَةِ الْمُؤْمِنُونَ دُونَ الْكُفَّارِ؛ تَشْرِيفًا [لَهُمْ] بِالْجُمُعَةِ، وَتَخْصِيصًا دُونَ غَيْرِهِمْ؛ وَذَلِكَ لِمَا ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ فِي الصَّحِيحِ: «نَحْنُ الْآخِرُونَ السَّابِقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، بَيْدَ أَنَّهُمْ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِنَا، وَأُوتِينَاهُ مِنْ بَعْدِهِمْ؛ فَهَذَا الْيَوْمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ، فَهَدَانَا اللَّهُ لَهُ، فَغَدًا لِلْيَهُودِ وَلِلنَّصَارَى بَعْدَ غَدٍ».
[مَسْأَلَة الْجُمُعَةُ خَاصَّةٌ بِهَذِهِ الْأُمَّة]
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ الْجُمُعَةُ خَاصَّةٌ بِهَذِهِ الْأُمَّةِ وَيَوْمُ الْإِسْلَامِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَأَفْضَلُ الْأَيَّامِ. رُوِيَ أَنَّ «جِبْرِيلَ جَاءَ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبِيَدِهِ مِرْآةٌ فِيهَا نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ، فَقَالَ: يَا جِبْرِيلُ؛ مَا هَذِهِ الْمِرْآةُ؟ قَالَ: يَوْمُ الْجُمُعَةِ. قَالَ: مَا هَذِهِ النُّكْتَةُ السَّوْدَاءُ الَّتِي فِيهَا؟ قَالَ: السَّاعَةُ وَفِيهَا تَقُومُ».