[سُورَةُ الزَّلْزَلَةِ]

ِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذِهِ السُّورَةِ؛ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: [إنَّهَا مَكِّيَّةٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ]: إنَّهَا مَدَنِيَّةٌ: وَفَضْلُهَا كَثِيرٌ، وَتَحْتَوِي عَلَى عَظِيمٍ؛ قَالَ إبْرَاهِيمُ التَّمِيمِيُّ: لَقَدْ أَدْرَكْت سَبْعِينَ شَيْخًا فِي مَسْجِدِنَا هَذَا، أَصْغَرُهُمْ الْحَارِثُ بْنُ سُوَيْد، وَسَمِعْته يَقْرَأُ: ﴿إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ﴾ [الزلزلة: ١]، حَتَّى إذَا بَلَغَ إلَى قَوْلِهِ: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ﴾ [الزلزلة: ٧] ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ [الزلزلة: ٨] بَكَى ثُمَّ قَالَ: إنَّ هَذِهِ لَإِحْكَامٌ شَدِيدٌ.
وَلَقَدْ رَوَى الْعُلَمَاءُ الْأَثْبَاتُ أَنَّ «هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبُو بَكْرٍ يَأْكُلُ؛ فَأَمْسَكَ؛ فَقَالَ؛ يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ أَوَإِنَّا لَنَرَى مَا عَمِلْنَا مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ؟ قَالَ: أَرَأَيْت مَا تَكْرَهُ فَهُوَ مَثَاقِيلُ ذَرِّ الشَّرِّ، وَيَدَّخِرُ لَكُمْ مَثَاقِيلَ ذَرِّ الْخَيْرِ حَتَّى تُعْطَوْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».
قَالَ أَبُو إدْرِيسَ: إنَّ مِصْدَاقَهُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ: ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾ [الشورى: ٣٠].
وَرَوَى الْقَاضِي أَبُو إِسْحَاقَ أَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَفَعَ رَجُلًا إلَى رَجُلٍ يُعَلِّمُهُ حَتَّى إذَا بَلَغَ: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ﴾ [الزلزلة: ٧] ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ [الزلزلة: ٨] قَالَ: حَسْبِي. قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: دَعُوهُ، فَإِنَّهُ قَدْ فَقِهَ».
وَرَوَى كَعْبُ الْأَحْبَارِ أَنَّهُ قَالَ: لَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ آيَتَيْنِ أَحْصَتَا مَا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ أَلَا تَجِدُونَ: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ﴾ [الزلزلة: ٧] {وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ


الصفحة التالية
Icon