كَلَامَيْنِ وَتَكُونُ" أَمْ" بِمَعْنَى بَلْ." هُوداً" خَبَرُ كَانَ، وَخَبَرُ" إِنَّ" فِي الْجُمْلَةِ. وَيَجُوزُ فِي غَيْرِ الْقُرْآنِ رَفْعُ" هُوداً" عَلَى خَبَرِ" إِنَّ" وَتَكُونُ كَانَ مُلْغَاةً، ذَكَرَهُ النَّحَّاسُ. قَوْلُهُ تَعَالَى: قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ" تَقْرِيرٌ وَتَوْبِيخٌ فِي ادِّعَائِهِمْ بِأَنَّهُمْ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى. فَرَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ بِأَنَّهُ أَعْلَمَ بِهِمْ مِنْكُمْ، أَيْ لَمْ يَكُونُوا هُودًا وَلَا نَصَارَى. قَوْلُهُ تَعَالَى:" وَمَنْ أَظْلَمُ" لَفْظُهُ الِاسْتِفْهَامُ، وَالْمَعْنَى: لَا أحد أظلم." مِمَّنْ كَتَمَ شَهادَةً" يُرِيدُ عِلْمَهُمْ بِأَنَّ الْأَنْبِيَاءَ كَانُوا عَلَى الْإِسْلَامِ. وَقِيلَ: مَا كَتَمُوهُ مِنْ صِفَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَهُ قَتَادَةُ، وَالْأَوَّلُ أَشْبَهُ بِسِيَاقِ الْآيَةِ." وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ" وَعِيدٌ وَإِعْلَامٌ بِأَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ أَمْرَهُمْ سُدًى وَأَنَّهُ يُجَازِيهِمْ عَلَى أَعْمَالِهِمْ. وَالْغَافِلُ: الَّذِي لَا يَفْطِنُ لِلْأُمُورِ إِهْمَالًا مِنْهُ، مَأْخُوذٌ مِنَ الْأَرْضِ الْغُفْلِ وَهِيَ الَّتِي لَا عِلْمَ بِهَا وَلَا أَثَرَ عُمَارَةٍ. وَنَاقَةٌ غُفْلٌ: لَا سِمَةَ بِهَا. وَرَجُلٌ غُفْلٌ: لَمْ يُجَرِّبِ الْأُمُورَ. وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: أَرْضٌ غُفْلٌ لَمْ تُمْطَرْ. غَفَلْتُ عَنِ الشَّيْءِ غَفْلَةً وَغُفُولًا، وَأَغْفَلْتُ الشَّيْءَ: تَرَكْتُهُ عَلَى ذِكْرٍ منك.
[سورة البقرة (٢): آية ١٤١]
تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَها مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ ما كَسَبْتُمْ وَلا تُسْئَلُونَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ (١٤١)
كَرَّرَهَا لِأَنَّهَا تَضَمَّنَتْ مَعْنَى التَّهْدِيدِ وَالتَّخْوِيفِ، أَيْ إِذَا كَانَ أُولَئِكَ الْأَنْبِيَاءُ عَلَى إِمَامَتِهِمْ وَفَضْلِهِمْ يُجَازَوْنَ بِكَسْبِهِمْ فَأَنْتُمْ أَحْرَى، فوجب التأكيد، فلذلك كررها.
[سورة البقرة (٢): آية ١٤٢]
سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (١٤٢)
فِيهِ إِحْدَى عَشْرَةَ مَسْأَلَةً الْأُولَى- قَوْلُهُ تَعَالَى:" سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ" أَعْلَمَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُمْ سَيَقُولُونَ فِي تَحْوِيلِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ الشَّامِ إلى الكعبة، ما وَلَّاهُمْ. و" سَيَقُولُ" بِمَعْنَى قَالَ، جَعَلَ الْمُسْتَقْبَلَ


الصفحة التالية
Icon