وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا، وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ. وَأَوْصَى مَنْ تَرَكَ بَعْدَهُ مِنْ أَهْلِهِ بِتَقْوَى اللَّهِ حَقَّ تُقَاتِهِ وَأَنْ يُصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنَهُمْ، وَيُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ، وَأَوْصَاهُمْ بِمَا وَصَّى بِهِ إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ ويعقوب: يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون).
[سورة البقرة (٢): آية ١٨١]
فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (١٨١)
فِيهِ أَرْبَعُ مَسَائِلَ: الْأُولَى- قَوْلُهُ تَعَالَى:" فَمَنْ بَدَّلَهُ" شَرْطٌ، وَجَوَابُهُ" فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ" وَ" مَا" كَافَّةٌ ل" إن" عن العمل. و" إِثْمُهُ" رُفِعَ بِالِابْتِدَاءِ،" عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ" مَوْضِعَ الْخَبَرِ. وَالضَّمِيرِ فِي" بَدَّلَهُ" يَرْجِعُ إِلَى الْإِيصَاءِ، لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ فِي مَعْنَى الْإِيصَاءِ، وَكَذَلِكَ الضَّمِيرُ فِي" سَمِعَهُ"، وَهُوَ كَقَوْلِهِ:" فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ «١» " [البقرة: ٢٧٥] أي وعظ، وقوله:" إِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ «٢» " [النساء: ٨] أَيِ الْمَالَ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ" مِنْهُ". وَمِثْلُهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
مَا هَذِهِ الصَّوْتُ
أَيِ الصَّيْحَةُ. وَقَالَ امرؤ القيس:
برهرهة رودة رَخْصَةٌ | كَخُرْعُوبَةِ الْبَانَةِ الْمُنْفَطِرْ «٣» |
(٢). راجع ج ٥ ص ٤٨.
(٣). البرهرهة: الرقيقة الجلد، أو هي الملساء المترجمة. الرؤدة والرءودة: الشابة الحسنة، السريعة الشباب مع حسن غذا، والرخصة: اللينة الخلق. والخرعوبة: القضيب الغض اللدن. والبانة: يريد شجر البان.