عَلَى قَوْلِ الْخَلِيلِ وَالْكِسَائِيِّ، التَّقْدِيرُ: فِي أَنْ تَبَرُّوا، فَأُضْمِرَتْ" فِي" وَخُفِضَتْ بِهَا. وَ (سَمِيعٌ) أي لأقوال العباد. (عَلِيمٌ) بنياتهم.
[سورة البقرة (٢): آية ٢٢٥]
لَا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (٢٢٥)
فِيهِ أَرْبَعُ مَسَائِلَ: الْأُولَى- قَوْلُهُ تَعَالَى: (بِاللَّغْوِ) اللَّغْوُ: مَصْدَرُ لَغَا يَلْغُو وَيَلْغَى، وَلَغِيَ يَلْغَى لَغًا إِذَا أَتَى بِمَا لَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي الْكَلَامِ، أَوْ بِمَا لَا خَيْرَ فِيهِ، أَوْ بِمَا يُلْغِي إِثْمُهُ، وَفِي الْحَدِيثِ:" إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَنْصِتْ فَقَدْ لَغَوْتَ". وَلُغَةُ أَبِي هُرَيْرَةَ" فَقَدْ لَغَيْتَ" وَقَالَ الشَّاعِرُ «١»:
وَرُبَّ أَسْرَابِ حَجِيجٍ كُظَّمِ | عَنِ اللَّغَا وَرَفَثِ التَّكَلُّمِ |
وَقَالَ آخَرُ «٢»:وَلَسْتُ بِمَأْخُوذٍ بِلَغْوٍ تَقُولُهُ | إِذَا لَمْ تَعَمَّدْ عَاقِدَاتِ الْعَزَائِمِ |
الثَّانِيَةُ- وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْيَمِينِ الَّتِي هِيَ لَغْوٌ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ قَوْلُ الرَّجُلِ فِي دَرَجِ كَلَامِهِ وَاسْتِعْجَالِهِ فِي الْمُحَاوَرَةِ: لَا وَاللَّهِ، وَبَلَى وَاللَّهِ، دُونَ قَصْدٍ لِلْيَمِينِ. قَالَ الْمَرْوَزِيُّ: لَغْوُ الْيَمِينِ الَّتِي اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهَا لَغْوٌ هُوَ قَوْلُ الرَّجُلِ: لَا وَاللَّهِ، وَبَلَى وَاللَّهِ، فِي حَدِيثِهِ وَكَلَامِهِ غَيْرَ مُعْتَقِدٍ لِلْيَمِينِ وَلَا مُرِيدِهَا. وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ عُرْوَةَ حَدَّثَهُ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: أَيْمَانُ اللَّغْوِ مَا كَانَتْ فِي الْمِرَاءِ وَالْهَزْلِ وَالْمُزَاحَةِ وَالْحَدِيثِ الَّذِي لَا يَنْعَقِدُ عَلَيْهِ الْقَلْبُ. وَفَى الْبُخَارِيِّ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى:" لَا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ" فِي قَوْلِ الرَّجُلِ: لَا وَاللَّهِ، وَبَلَى وَاللَّهِ. وَقِيلَ: اللَّغْوُ مَا يُحْلَفُ بِهِ عَلَى الظَّنِّ، فَيَكُونُ بِخِلَافِهِ، قاله مالك،