يُنْزِلَ نَفْسَهُ مَنْزِلَةَ الْمُخَاطَبِ الْأَجْنَبِيِّ الْمُنْفَصِلِ، فَالْمَعْنَى فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ لِنَفْسِهِ: اعْلَمِي يَا نَفْسُ هَذَا الْعِلْمَ الْيَقِينَ الَّذِي لَمْ تَكُونِي تَعْلَمِينَ مُعَايَنَةً، وَأَنْشَدَ أَبُو عَلِيٍّ فِي مِثْلِ هذا المعنى:
ودّع هريرة إن الركب مرتحل «١» | ألم تغتمض عيناك ليلة أرمدا |
تَذَكَّرْ مِنْ أَنَّى وَمِنْ أَيْنَ شُرْبُهُ | يُؤَامِرُ نَفْسَيْهِ كَذِي الْهَجْمَةِ الْإِبِلِ «٢» |
[سورة البقرة (٢): آية ٢٦٠]
وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٢٦٠)
اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذَا السُّؤَالِ هَلْ صَدَرَ مِنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ شَكٍّ أَمْ لَا؟ فَقَالَ الْجُمْهُورُ: لَمْ يَكُنْ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ شَاكًّا فِي إِحْيَاءِ اللَّهِ الْمَوْتَى قَطُّ وَإِنَّمَا طَلَبَ الْمُعَايَنَةَ، وَذَلِكَ أَنَّ النفوس
(١). البيتان للأعشى، وعجز الأول: وهل تطيق وداعا أيها الرجل. والثاني عجزه: وعادك ما عاد السليم المسهدا.
(٢). الهجمة (بفتح فسكون): القطعة الضخمة من الإبل، وقيل: هي ما بين الثلاثين والمائة. ورجل أبل (ككتف): حذق مصلحة الإبل.
(٢). الهجمة (بفتح فسكون): القطعة الضخمة من الإبل، وقيل: هي ما بين الثلاثين والمائة. ورجل أبل (ككتف): حذق مصلحة الإبل.