النَّاسِ وَأَمْرٌ يَخُصُّ كُلَّ إِنْسَانٍ. وَ" يَوْماً" مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَفْعُولِ لَا عَلَى الظَّرْفِ." تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ" مِنْ نَعْتِهِ. وَقَرَأَ أَبُو عَمْرٍو بِفَتْحِ التَّاءِ وَكَسْرِ الْجِيمِ، مِثْلَ" إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ «١» " وَاعْتِبَارًا بِقِرَاءَةِ أُبَيٍّ" يَوْمًا تَصِيرُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ". وَالْبَاقُونَ بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِ الْجِيمِ، مِثْلَ" ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ «٢» "." وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلى رَبِّي «٣» " وَاعْتِبَارًا بِقِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ" يَوْمًا تُرَدُّونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ" وَقَرَأَ الْحَسَنُ" يُرْجَعُونَ" بِالْيَاءِ، عَلَى مَعْنَى يُرْجَعُ جَمِيعُ النَّاسِ. قَالَ ابْنُ جِنِّيٍّ: كَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى رَفَقَ بِالْمُؤْمِنِينَ عَلَى أَنْ يُوَاجِهَهُمْ بِذِكْرِ الرَّجْعَةِ، إِذْ هِيَ مِمَّا يَنْفَطِرُ لَهَا الْقُلُوبُ فَقَالَ لَهُمْ:" وَاتَّقُوا يَوْماً" ثُمَّ رَجَعَ فِي ذِكْرِ الرَّجْعَةِ إِلَى الْغَيْبَةِ رِفْقًا بِهِمْ. وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ هَذَا الْيَوْمَ الْمُحَذَّرَ مِنْهُ هُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ وَالْحِسَابِ وَالتَّوْفِيَةِ. وَقَالَ قَوْمٌ: هُوَ يَوْمُ الْمَوْتِ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ بِحُكْمِ الْأَلْفَاظِ فِي الْآيَةِ. وَفِي قَوْلِهِ" إِلَى اللَّهِ" مُضَافٌ مَحْذُوفٌ، تَقْدِيرُهُ إِلَى حُكْمِ اللَّهِ وَفَصْلِ قَضَائِهِ." وَهُمْ" رَدٌّ عَلَى مَعْنَى" كُلُّ" لَا عَلَى اللَّفْظِ، إِلَّا عَلَى قِرَاءَةِ الْحَسَنِ" يُرْجَعُونَ" فَقَوْلُهُ" وَهُمْ" رَدٌّ عَلَى ضَمِيرِ الْجَمَاعَةِ فِي" يُرْجَعُونَ". وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ نَصٌّ عَلَى أَنَّ الثَّوَابَ وَالْعِقَابَ مُتَعَلِّقٌ بِكَسْبِ الْأَعْمَالِ، وَهُوَ رَدٌّ على الجبرية، وقد تقدم.
[سورة البقرة (٢): آية ٢٨٢]
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلا يَأْبَ كاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَما عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً فَإِنْ كانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى وَلا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا مَا دُعُوا وَلا تَسْئَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَوْ كَبِيراً إِلى أَجَلِهِ ذلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهادَةِ وَأَدْنى أَلاَّ تَرْتابُوا إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجارَةً حاضِرَةً تُدِيرُونَها بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَلاَّ تَكْتُبُوها وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ وَلا يُضَارَّ كاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٢٨٢)
(٢). راجع ج ٧ ص ٦.
(٣). راجع ج ١٠ ص ٤٠٤