قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَحاجَّهُ قَوْمُهُ) دَلِيلٌ عَلَى الْحِجَاجِ وَالْجِدَالِ؟ حَاجُّوهُ فِي تَوْحِيدِ اللَّهِ. (قالَ أَتُحاجُّونِّي فِي اللَّهِ) قَرَأَ نَافِعٌ بِتَخْفِيفِ النُّونِ، وَشَدَّدَ النُّونَ الْبَاقُونَ. وَفِيهِ عَنِ ابْنِ عَامِرٍ مِنْ رِوَايَةِ هِشَامٍ عَنْهُ خِلَافٌ، فَمَنْ شَدَّدَ قَالَ: الْأَصْلُ فِيهِ نُونَانِ، الْأُولَى عَلَامَةُ الرَّفْعِ وَالثَّانِيَةُ فَاصِلَةٌ بَيْنَ الْفِعْلِ وَالْيَاءِ، فَلَمَّا اجْتَمَعَ مِثْلَانِ فِي فِعْلٍ وَذَلِكَ ثَقِيلٌ أُدْغِمَ النُّونُ فِي الْأُخْرَى فَوَقَعَ التَّشْدِيدُ وَلَا بُدَّ مِنْ مَدِّ الْوَاوِ لِئَلَّا يَلْتَقِيَ السَّاكِنَانِ، الْوَاوُ وَأَوَّلُ الْمُشَدَّدِ، فَصَارَتِ الْمُدَّةُ فَاصِلَةً بَيْنَ السَّاكِنَيْنِ. وَمَنْ خَفَّفَ حَذَفَ النُّونَ الثَّانِيَةَ اسْتِخْفَافًا لِاجْتِمَاعِ الْمِثْلَيْنِ، وَلَمْ تُحْذَفِ الْأُولَى لِأَنَّهَا عَلَامَةُ الرَّفْعِ، فَلَوْ حُذِفَتْ لَاشْتَبَهَ الْمَرْفُوعُ بالمجزوم والمنصوب. وحكي عن أبي عمرو ابن الْعَلَاءِ أَنَّ هَذِهِ الْقِرَاءَةَ لَحْنٌ. وَأَجَازَ سِيبَوَيْهِ ذَلِكَ فَقَالَ: اسْتَثْقَلُوا التَّضْعِيفَ. وَأَنْشَدَ:
تَرَاهُ كَالثَّغَامِ يعل مسكا | يسوء الفاليات إذا فليني «١» |
[سورة الأنعام (٦): الآيات ٨١ الى ٨٢]
وَكَيْفَ أَخافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلا تَخافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٨١) الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (٨٢)
(٢). من ك.
(٣). راجع ج ٢ ص ٨٤.