شَرْعٌ، وَلِهَذَا قَالَ:" بِزَعْمِهِمْ". (وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا) يُرِيدُ مَا يُسَيِّبُونَهُ لِآلِهَتِهِمْ عَلَى مَا تَقَدَّمَ من النصيب، وقال مجاهد: المراد الجيرة وَالْوَصِيلَةُ وَالْحَامِ «١». (وَأَنْعَامٌ لَا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا) يَعْنِي مَا ذَبَحُوهُ لِآلِهَتِهِمْ. قَالَ أَبُو وَائِلٍ: لَا يَحُجُّونَ عَلَيْهَا. (افْتِرَاءً) أَيْ لِلِافْتِرَاءِ" عَلَى اللَّهِ"، لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ: اللَّهُ أَمَرَنَا بِهَذَا. فَهُوَ نَصْبٌ عَلَى الْمَفْعُولِ لَهُ. وَقِيلَ: أي يفترون افتراء، وانتصابه لكونه مصدورا.
[سورة الأنعام (٦): آية ١٣٩]
وَقالُوا مَا فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورِنا وَمُحَرَّمٌ عَلى أَزْواجِنا وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكاءُ سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (١٣٩)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَقالُوا مَا فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورِنا) هَذَا نَوْعٌ آخَرُ مِنْ جَهْلِهِمْ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ اللَّبَنُ، جَعَلُوهُ حَلَالًا لِلذُّكُورِ وَحَرَامًا عَلَى الْإِنَاثِ. وَقِيلَ: الْأَجِنَّةُ، قَالُوا: إِنَّهَا لِذُكُورِنَا. ثُمَّ إِنْ مَاتَ منها شي أَكَلَهُ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ. وَالْهَاءُ فِي" خالِصَةٌ" لِلْمُبَالَغَةِ فِي الْخُلُوصِ، وَمِثْلُهُ رَجُلٌ عَلَّامَةٌ وَنَسَّابَةٌ، عَنِ الكسائي والأخفش. و" خالِصَةٌ" بِالرَّفْعِ خَبَرُ الْمُبْتَدَإِ الَّذِي هُوَ" مَا". وَقَالَ الْفَرَّاءُ: تَأْنِيثُهَا لِتَأْنِيثِ الْأَنْعَامِ. وَهَذَا الْقَوْلُ عِنْدَ قَوْمٍ خَطَأٌ، لِأَنَّ مَا فِي بُطُونِهَا لَيْسَ مِنْهَا، فَلَا يُشْبِهُ (قَوْلَهُ) «٢» " يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ «٣» " لِأَنَّ بَعْضَ السَّيَّارَةِ سَيَّارَةٌ، وَهَذَا لَا يَلْزَمُ (قَالَ «٤» الْفَرَّاءُ: فَإِنَّ مَا فِي بُطُونِ الْأَنْعَامِ أَنْعَامٌ مِثْلُهَا، فَأَنَّثَ لِتَأْنِيثِهَا، أَيِ الْأَنْعَامُ الَّتِي فِي بُطُونِ الْأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا. وَقِيلَ: أَيْ جَمَاعَةُ مَا فِي الْبُطُونِ. وَقِيلَ: إِنَّ" مَا" تَرْجِعُ إِلَى الْأَلْبَانِ أَوِ الْأَجِنَّةِ، فَجَاءَ التَّأْنِيثُ على المعنى والتذكير على اللفظ.
(٢). من ك.
(٣). راجع ج ٩ ص ١٣٣.
(٤). من ك.