صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِأَبِي: (ابْنُكَ هَذَا)؟ قَالَ: أَيْ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ. قَالَ: (حَقًّا). قَالَ: أَشْهَدُ بِهِ. قَالَ: فَتَبَسَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَاحِكًا مِنْ ثَبْتِ «١» شَبَهِي فِي أَبِي، وَمِنْ حَلِفِ أَبِي عَلَيَّ. ثُمَّ قَالَ: (أَمَا إِنَّهُ لَا يَجْنِي عَلَيْكَ وَلَا تَجْنِي عَلَيْهِ). وَقَرَأَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ". وَلَا يُعَارَضُ مَا قُلْنَاهُ أَوَّلًا بِقَوْلِهِ:" وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالًا مَعَ أَثْقالِهِمْ «٢» "، فَإِنَّ هَذَا مُبَيَّنٌ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى قَوْلُهُ:" لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ «٣» ". فَمَنْ كَانَ إِمَامًا فِي الضَّلَالَةِ وَدَعَا إِلَيْهَا وَاتُّبِعَ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ يَحْمِلُ وِزْرَ مَنْ أَضَلَّهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ وِزْرِ المضل «٤» شي، عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تعالى.
[سورة الأنعام (٦): آية ١٦٥]
وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (١٦٥)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ" خَلائِفَ" جَمْعُ خَلِيفَةٍ، كَكَرَائِمَ جَمْعُ كَرِيمَةٍ. وَكُلُّ مَنْ جَاءَ بَعْدَ مَنْ مَضَى فَهُوَ خَلِيفَةٌ. أَيْ جَعَلَكُمْ خَلَفًا لِلْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ وَالْقُرُونِ السَّالِفَةِ. قَالَ الشَّمَّاخُ:
تُصِيبُهُمْ وَتُخْطِئُنِي الْمَنَايَا | وَأَخْلُفُ فِي رُبُوعٍ عَنْ رُبُوعِ |
(٢). راجع ج ١٣ ص ٣٣٠. وص ١٢.
(٣). راجع ج ١٠ ص ٩٦.
(٤). في ك: المظلين.
(٥). راجع ج ١٣ ص ٣٣٠. وص ١٢.