تفسير سورة براءة
مدنية باتفاق
[سورة التوبة (٩): آية ١]
بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١)
فِيهِ خَمْسُ مَسَائِلَ: الْأُولَى- فِي أَسْمَائِهَا قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ سُورَةِ بَرَاءَةٌ فَقَالَ: تِلْكَ الْفَاضِحَةُ مَا زَالَ يَنْزِلُ: وَمِنْهُمْ وَمِنْهُمْ، حَتَّى خِفْنَا أَلَّا تَدَعَ أَحَدًا. قَالَ القشيري أبو نصر عبد الرحيم: هَذِهِ السُّورَةُ نَزَلَتْ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ وَنَزَلَتْ بَعْدَهَا. وَفِي أَوَّلِهَا نَبْذُ عُهُودِ الْكُفَّارِ إِلَيْهِمْ. وَفِي السُّورَةِ كَشْفُ أَسْرَارِ الْمُنَافِقِينَ. وَتُسَمَّى الْفَاضِحَةَ وَالْبَحُوثَ، لِأَنَّهَا تَبْحَثُ عَنْ أَسْرَارِ الْمُنَافِقِينَ. وَتُسَمَّى الْمُبَعْثِرَةَ وَالْبَعْثَرَةُ: الْبَحْثُ. الثَّانِيَةُ- وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي سَبَبِ سُقُوطِ الْبَسْمَلَةِ مِنْ أَوَّلِ هَذِهِ السُّورَةِ عَلَى أَقْوَالٍ خَمْسَةٍ: الْأَوَّلُ- أَنَّهُ قِيلَ كَانَ مِنْ شَأْنِ الْعَرَبِ فِي زَمَانِهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا كَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ قَوْمٍ عَهْدٌ فَإِذَا أَرَادُوا نَقْضَهُ كَتَبُوا إِلَيْهِمْ كِتَابًا وَلَمْ يَكْتُبُوا فِيهِ بَسْمَلَةً فَلَمَّا نَزَلَتْ سُورَةُ بَرَاءَةٌ بِنَقْضِ الْعَهْدِ الَّذِي كَانَ بَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والمش ركين بَعَثَ بِهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علي ابن أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَرَأَهَا عَلَيْهِمْ فِي الْمَوْسِمِ وَلَمْ يُبَسْمِلْ فِي ذَلِكَ عَلَى ما جرت به عاد تهم فِي نَقْضِ الْعَهْدِ مِنْ تَرْكِ الْبَسْمَلَةِ. وَقَوْلٌ ثَانٍ- رَوَى النَّسَائِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَوْفٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ الرقاشي «١» قال قال

(١). في ب وج وك وز وهـ: (الرواسي). والذي في صحيح الترمذي: (الفارسي). قال الترمذي تعقيبا عليه: (... حسن صحيح، لا نعرفه إلا من حديث عوف عن يزيد الفارسي عن ابن عباس. ويزيد الفارسي قد روى عن ابن عباس غير حديث. ويقال: هو يزيد بن هرمز، ويزيد الرقاشي هو يزيد بن أبان الرقاشي ولم يدرك ابن عباس، إنما روى عن أنس بن مالك وكلاهما من البصرة. ويزيد الفارسي أقدم من يزيد الرقاشي).


الصفحة التالية
Icon