وَقِرَاءَةُ الْجُمْهُورِ بِفَتْحِ الضَّادِ. وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ بِكَسْرِ الضَّادِ، وَرُوِيَتْ عَنْ نَافِعٍ، وَهُوَ غَلَطٌ مِمَّنْ رَوَاهُ. قَالَ بَعْضُ اللُّغَوِيِّينَ: الْكَسْرُ وَالْفَتْحُ فِي الضَّادِ لُغَتَانِ فِي الْمَصْدَرِ. قَالَ الْأَخْفَشُ: الضِّيقُ وَالضَّيْقُ مَصْدَرُ ضَاقَ يَضِيقُ. وَالْمَعْنَى: لَا يَضِيقُ صَدْرُكَ مِنْ كُفْرِهِمْ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الضَّيْقُ ما ضاف عَنْهُ صَدْرُكَ، وَالضِّيقُ مَا يَكُونُ فِي الَّذِي يتسع ويضيق، مثل الدار والثوب. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: هُمَا سَوَاءٌ، يُقَالُ: فِي صَدْرِهِ ضَيْقٌ وَضِيقٌ. الْقُتَبِيُّ: ضَيْقٌ مُخَفَّفُ ضَيِّقٍ، أَيْ لَا تَكُنْ فِي أَمْرٍ ضَيِّقٍ فَخُفِّفَ، مِثْلُ هَيِّنٍ وَهَيْنٍ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: يُقَالُ ضَاقَ الرَّجُلُ إِذَا بَخِلَ، وَأَضَاقَ إِذَا افْتَقَرَ. وقوله: (إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ) أَيِ اتَّقَوُا الْفَوَاحِشَ وَالْكَبَائِرَ بِالنَّصْرِ وَالْمَعُونَةَ وَالْفَضْلِ وَالْبِرِّ وَالتَّأْيِيدِ. وَتَقَدَّمَ مَعْنَى الْإِحْسَانِ. وَقِيلَ لِهَرَمِ بْنِ حِبَّانَ «١» عِنْدَ مَوْتِهِ: أَوْصِنَا، فَقَالَ: أوصيكم بآيات الله وآخر سورة" ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ" إِلَى آخِرِهَا. تَمَّتْ سُورَةُ النَّحْلِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
تَفْسِيرُ سُورَةِ الْإِسْرَاءِ
هَذِهِ السُّورَةُ مَكِّيَّةٌ، إِلَّا ثَلَاثَ آيَاتٍ: قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ" وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ «٢» " نزلت حِينَ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفْدُ ثَقِيفٍ، وَحِينَ قَالَتِ الْيَهُودُ: لَيْسَتْ هَذِهِ بِأَرْضِ الْأَنْبِيَاءِ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ:" وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ". وَقَوْلُهُ تَعَالَى" إِنَّ رَبَّكَ أَحاطَ بِالنَّاسِ" الْآيَةَ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ" إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ" الْآيَةَ. وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ وَالْكَهْفِ [وَمَرْيَمَ]: إِنَّهُنَّ مِنَ الْعِتَاقِ الْأَوَّلِ، وَهُنَّ من تلادي، يريد من قديم كسبه.
(٢). راجع ص ٣٠١، وص ٣٢١، وص ٢٨١ فما بعد، وص ٣٤٠ من هذا الجزء.