أَنَّهَا تَصِيرُ مَزْلَقَةً، بَلِ الْمُرَادُ أَنَّهَا لَا يبقى فيها نبات كالرأس إذا حللا يَبْقَى عَلَيْهِ شَعْرٌ، قَالَهُ الْقُشَيْرِيُّ. (أَوْ يُصْبِحَ ماؤُها غَوْراً) أَيْ غَائِرًا ذَاهِبًا، فَتَكُونُ أَعْدَمَ أَرْضٍ لِلْمَاءِ بَعْدَ أَنْ كَانَتْ أَوْجَدَ أَرْضٍ لِلْمَاءِ. وَالْغَوْرُ مَصْدَرٌ وُضِعَ مَوْضِعَ الِاسْمِ، كَمَا يُقَالُ: رَجُلٌ صَوْمٌ وَفِطْرٌ وَعَدْلٌ وَرِضًا وَفَضْلٌ وَزُورٌ وَنِسَاءٌ نَوْحٌ، وَيَسْتَوِي فِيهِ الْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ وَالتَّثْنِيَةُ وَالْجَمْعُ. قَالَ عَمْرُو بْنُ كُلْثُومٍ:
تَظَلُّ جِيَادُهُ نَوْحًا عَلَيْهِ | مُقَلَّدَةً أَعِنَّتُهَا صُفُونًا |
هَرِيقِي مِنْ دُمُوعِهِمَا سِجَامًا | ضُبَاعُ وَجَاوِبِي نَوْحًا قِيَامًا |
أَغَارَتْ عَيْنُهُ أَمْ لَمْ تَغَارَا
وَغَارَتِ الشَّمْسُ تَغُورُ غِيَارًا، أَيْ غَرَبَتْ. قَالَ أَبُو ذُؤَيْبٍ:
هَلِ الدَّهْرُ إِلَّا لَيْلَةً وَنَهَارُهَا | وَإِلَّا طُلُوعُ الشَّمْسِ ثُمَّ غِيَارُهَا |
[سورة الكهف (١٨): آية ٤٢]
وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلى مَا أَنْفَقَ فِيها وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها وَيَقُولُ يا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً (٤٢)
قوله تعالى: وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ اسْمُ مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ مُضْمَرٌ، وَهُوَ الْمَصْدَرُ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَخْفُوضُ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ. وَمَعْنَى" أُحِيطَ بِثَمَرِهِ" أَيْ أُهْلِكُ مَالُهُ كُلُّهُ. وَهَذَا أَوَّلُ مَا حَقَّقَ اللَّهُ تَعَالَى به إنذار أخيه. (فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ) أي فأصبح الكافر يضرب إحدى
(١). راجع ج ٩ ص ٢٤٥ فما بعد.