وَلَوْ وَلَدَتْ قُفَيْرَةُ «١» جَرْوَ كَلْبٍ | لَسُبَّ بِذَلِكَ الْجَرْوِ الْكِلَابَا |
أَرَادَ لَسُبَّ السَّبُّ بِذَلِكَ الْجَرْوِ. وَسَكَنَتْ يَاؤُهُ عَلَى لُغَةِ مَنْ يَقُولُ بَقِيَ وَرَضِيَ فَلَا يُحَرِّكُ الْيَاءَ. وَقَرَأَ الْحَسَنُ" وَذَرُوا ما بقي من الربا"
«٢» [البقرة: ٢٧٨] اسْتِثْقَالًا لِتَحْرِيكِ يَاءٍ قَبْلَهَا كَسْرَةٌ. وَأَنْشَدَ:
خَمَّرَ الشيب لمتي تحميرا | وَحَدَا بِي إِلَى الْقُبُورِ الْبَعِيرَا |
لَيْتَ شِعْرِي إِذَا الْقِيَامَةُ قَامَتْ | وَدُعِي بِالْحِسَابِ أَيْنَ الْمَصِيرَا |
سَكَّنَ الْيَاءَ فِي دُعِيَ اسْتِثْقَالًا لِتَحْرِيكِهَا وَقَبْلَهَا كسرة وفاعل حدا المشيب، أي وحدا المشيب الْبَعِيرَ، لَيْتَ شِعْرِي الْمَصِيرُ أَيْنَ هُوَ. هَذَا تَأْوِيلُ الْفَرَّاءِ وَأَبِي عُبَيْدٍ وَثَعْلَبٍ فِي تَصْوِيبِ هَذِهِ الْقِرَاءَةِ. وَخَطَّأَهَا أَبُو حَاتِمٍ وَالزَّجَّاجُ وَقَالُوا: هُوَ لَحْنٌ، لِأَنَّهُ نَصَبَ اسْمَ مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، وَإِنَّمَا يُقَالُ: نُجِّيَ الْمُؤْمِنُونَ. كَمَا يُقَالُ: كُرِّمَ الصَّالِحُونَ. وَلَا يَجُوزُ ضُرِبَ زَيْدًا بِمَعْنَى ضُرِبَ الضَّرْبُ زَيْدًا، لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ [فيه
«٣»] إِذْ كَانَ ضَرْبٌ يَدُلُّ عَلَى الضَّرْبِ. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحْتَجَّ بِمِثْلِ ذَلِكَ الْبَيْتِ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى. وَلِأَبِي عُبَيْدٍ قَوْلٌ آخَرُ- وَقَالَهُ الْقُتَبِيُّ- وَهُوَ أَنَّهُ أَدْغَمَ النُّونَ فِي الْجِيمِ. النَّحَّاسُ: وَهَذَا الْقَوْلُ لَا يَجُوزُ عِنْدَ أَحَدٍ مِنَ النَّحْوِيِّينَ، لِبُعْدِ مَخْرَجِ النُّونِ مِنْ مَخْرَجِ الْجِيمِ فَلَا تُدْغَمُ فِيهَا، وَلَا يَجُوزُ فِي" مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ"
«٤» " مَجَّاءَ بِالْحَسَنَةِ" قَالَ النَّحَّاسُ: وَلَمْ أَسْمَعْ فِي هَذَا أَحْسَنَ مِنْ شي سَمِعْتُهُ مِنْ عَلِيِّ بْنِ سُلَيْمَانَ. قَالَ: الْأَصْلُ نُنْجِي فَحُذِفَ إِحْدَى النُّونَيْنِ، لِاجْتِمَاعِهِمَا كَمَا تُحْذَفُ إِحْدَى التَّاءَيْنِ، لِاجْتِمَاعِهِمَا نَحْوَ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ:" وَلا تَفَرَّقُوا"
«٥» [آل عمران: ١٠٣] وَالْأَصْلُ تَتَفَرَّقُوا. وَقَرَأَ مُحَمَّدُ بْنُ السَّمَيْقَعِ وَأَبُو الْعَالِيَةِ:" وَكَذَلِكَ نَجَّى الْمُؤْمِنِينَ" أَيْ نَجَّى اللَّهُ المؤمنين، وهي حسنة.
[سورة الأنبياء (٢١): الآيات ٨٩ الى ٩٠]
وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ (٨٩) فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَوَهَبْنا لَهُ يَحْيى وَأَصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كانُوا يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَيَدْعُونَنا رَغَباً وَرَهَباً وَكانُوا لَنا خاشِعِينَ (٩٠)