الصَّلَاحِ فِي كِتَابِ (عِلُومِ الْحَدِيثِ) لَهُ: وَهَكَذَا الْحَدِيثُ الطَّوِيلُ الَّذِي يُرْوَى عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي فَضْلِ الْقُرْآنِ سُورَةً سُورَةً، وَقَدْ بَحَثَ بَاحِثٌ عَنْ مُخْرِجِهِ حَتَّى انْتَهَى إِلَى مَنَ اعْتَرَفَ بِأَنَّهُ وَجَمَاعَةٌ وَضَعُوهُ، وَأَنَّ أَثَرَ الْوَضْعِ عَلَيْهِ لَبَيِّنٌ. وَقَدْ أَخْطَأَ الْوَاحِدِيُّ الْمُفَسِّرُ وَمَنْ ذَكَرَهُ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ فِي إِيدَاعِهِ تَفَاسِيرَهُمْ. وَمِنْهُمْ قَوْمٌ مِنَ السُّؤَّالِ وَالْمُكْدِينَ يَقِفُونَ فِي الْأَسْوَاقِ وَالْمَسَاجِدِ، فَيَضَعُونَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَادِيثَ بِأَسَانِيدَ صِحَاحٍ قَدْ حَفِظُوهَا، فَيَذْكُرُونَ الْمَوْضُوعَاتِ بِتِلْكَ الْأَسَانِيدِ، قَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّيَالِسِيُّ: صَلَّى أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، فِي مَسْجِدِ الرُّصَافَةِ، فَقَامَ بَيْنَ أَيْدِيهِمَا قَاصٌّ فَقَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ويحيى بن معين قلا أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يُخْلَقُ مِنْ كُلِّ كَلِمَةٍ مِنْهَا طَائِرٌ مِنْقَارُهُ مِنْ ذَهَبٍ وَرِيشُهُ مَرْجَانٌ. واخذ في قصته نَحْوٍ مِنْ عِشْرِينَ وَرَقَةً، فَجَعَلَ أَحْمَدُ يَنْظُرُ إِلَى يَحْيَى وَيَحْيَى يَنْظُرُ إِلَى أَحْمَدَ، فَقَالَ: أَنْتَ حَدَّثْتَهُ بِهَذَا؟ فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا سَمِعْتُ بِهِ إِلَّا هَذِهِ السَّاعَةَ، قَالَ فَسَكَتَا جَمِيعًا حَتَّى فَرَغَ مِنْ قَصَصِهِ، فَقَالَ لَهُ يَحْيَى مَنْ حَدَّثَكَ بِهَذَا الْحَدِيثِ؟ فَقَالَ: أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، فَقَالَ أَنَا ابْنُ مَعِينٍ، وَهَذَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، مَا سَمِعْنَا بِهَذَا قَطُّ فِي حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنْ كَانَ وَلَا بُدَّ مِنَ الْكَذِبِ فَعَلَى غَيْرِنَا، فَقَالَ لَهُ: أَنْتَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: لَمْ أَزَلْ أَسْمَعُ أَنَّ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ أَحْمَقٌ، وَمَا عَلِمْتُهُ إِلَّا هَذِهِ السَّاعَةَ، فَقَالَ لَهُ يَحْيَى: وَكَيْفَ عَلِمْتَ أَنِّي أَحْمَقٌ؟ قَالَ: كَأَنَّهُ لَيْسَ فِي الدُّنْيَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ غَيْرَكُمَا، كَتَبْتُ عَنْ سَبْعَةَ عَشَرَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ غَيْرِ هَذَا. قَالَ فَوَضَعَ أَحْمَدُ كُمَّهُ عَلَى وَجْهِهِ وَقَالَ: دَعْهُ يَقُومُ، فَقَامَ كَالْمُسْتَهْزِئِ بِهِمَا. فَهَؤُلَاءِ الطَّوَائِفُ كَذَبَةٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومن يَجْرِي مُجْرَاهُمْ. يُذْكَرُ أَنَّ الرَّشِيدَ كَانَ يُعْجِبُهُ الْحَمَامُ وَاللَّهْوُ بِهِ، فَأُهْدِيَ إِلَيْهِ حَمَامٌ وَعِنْدَهُ أبو البختري «١»