نراهم. وكان ابن كثير والأعمش وأبو عمروحمزة وَالْكِسَائِيُّ يَقْرَءُونَ" مِنَ الْأَشْرَارِ اتَّخَذْنَاهُمْ" بِحَذْفِ الْأَلِفِ فِي الْوَصْلِ. وَكَانَ أَبُو جَعْفَرٍ وَشَيْبَةُ وَنَافِعٌ وَعَاصِمٌ وَابْنُ عَامِرٍ يَقْرَءُونَ" أَتَّخَذْنَاهُمْ" بِقَطْعِ الْأَلِفِ عَلَى الِاسْتِفْهَامِ وَسَقَطَتْ أَلِفُ الْوَصْلِ، لِأَنَّهُ قَدِ اسْتُغْنِيَ عَنْهَا، فَمَنْ قَرَأَ بِحَذْفِ الْأَلِفِ لَمْ يَقِفْ عَلَى" الْأَشْرارِ" لِأَنَّ" أَتَّخَذْناهُمْ" حَالٌ. وَقَالَ النَّحَّاسُ وَالسِّجِسْتَانِيُّ: هُوَ نَعْتٌ لِرِجَالٍ. قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: وَهَذَا خَطَأٌ، لِأَنَّ النَّعْتَ لَا يَكُونُ مَاضِيًا وَلَا مُسْتَقْبَلًا. وَمَنْ قَرَأَ:" أَتَّخَذْنَاهُمْ" بِقَطْعِ الْأَلِفِ وَقَفَ عَلَى" الْأَشْرارِ" قَالَ الْفَرَّاءُ: وَالِاسْتِفْهَامُ هُنَا بِمَعْنَى التَّوْبِيخِ وَالتَّعَجُّبِ." أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ" إِذَا قَرَأْتَ بِالِاسْتِفْهَامِ كَانَتْ أَمْ لِلتَّسْوِيَةِ، وَإِذَا قَرَأْتَ بِغَيْرِ الِاسْتِفْهَامِ فَهِيَ بِمَعْنَى بَلْ. وقرا أبو جعفر ونافع شيبة وَالْمُفَضَّلُ وَهُبَيْرَةُ وَيَحْيَى وَالْأَعْمَشُ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ" سِخْرِيًّا" بِضَمِّ السِّينِ. الْبَاقُونَ بِالْكَسْرِ. قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: مَنْ كَسَرَ جَعَلَهُ مِنَ الْهُزْءِ وَمَنْ ضَمَّ جَعَلَهُ مِنَ التَّسْخِيرِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ" إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ"" لَحَقٌّ" خَبَرُ إِنَّ وَ" تَخاصُمُ" خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ بِمَعْنَى هُوَ تَخَاصُمٌ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَدَلًا مِنْ حَقٍّ. ويجوز أن يكون خبر ابعد خَبَرٍ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَدَلًا مِنْ ذَلِكَ عَلَى الْمَوْضِعِ. أَيْ إِنَّ تَخَاصُمَ أَهْلِ النَّارِ فِي النَّارِ لَحَقٌّ. يَعْنِي قَوْلَهُمْ:" لَا مَرْحَباً بِكُمْ" الْآيَةَ وَشِبْهَهُ مِنْ قَوْلِ أَهْلِ النَّارِ.
[سورة ص (٣٨): الآيات ٦٥ الى ٧٠]
قُلْ إِنَّما أَنَا مُنْذِرٌ وَما مِنْ إِلهٍ إِلاَّ اللَّهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ (٦٥) رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ (٦٦) قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ (٦٧) أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ (٦٨) مَا كانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلى إِذْ يَخْتَصِمُونَ (٦٩)
إِنْ يُوحى إِلَيَّ إِلاَّ أَنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (٧٠)
قَوْلُهُ تَعَالَى:" قُلْ إِنَّما أَنَا مُنْذِرٌ" أَيْ مُخَوِّفٌ عِقَابَ اللَّهِ لِمَنْ عَصَاهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ." وَما مِنْ إِلهٍ" أَيْ مَعْبُودٍ" إِلَّا اللَّهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ" الَّذِي لَا شَرِيكَ لَهُ"