[تفسير سورة نوح]

سُورَةُ نُوحٍ مَكِّيَّةٌ، وَهِيَ ثَمَانٍ وَعِشْرُونَ آيَةً بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
[سورة نوح (٧١): آيَةً ١]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

إِنَّا أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (١)
قَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي" الْأَعْرَافِ" «١» أَنَّ نُوحًا عَلَيْهِ السَّلَامُ أَوَّلُ رَسُولٍ أُرْسِلَ. وَرَوَاهُ قَتَادَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (أَوَّلُ رَسُولٍ أُرْسِلَ نُوحٌ وَأُرْسِلَ إِلَى جَمِيعِ أَهْلِ الْأَرْضِ). فَلِذَلِكَ لَمَّا كَفَرُوا أَغْرَقَ اللَّهُ أَهْلَ الْأَرْضِ جَمِيعًا. وَهُوَ نُوحُ بْنُ لامك ابن مَتُّوشَلَخَ بْنِ أَخْنُوخَ وَهُوَ إِدْرِيسُ بْنُ يَرْدِ بْنِ مَهْلَايِلَ بْنِ أَنُوشَ بْنِ قَيْنَانَ بْنِ شِيثِ بْنِ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ. قَالَ وَهْبٌ: كُلُّهُمْ مُؤْمِنُونَ. أُرْسِلَ إِلَى قَوْمِهِ وَهُوَ ابْنُ خَمْسِينَ سَنَةً. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ابْنُ أَرْبَعِينَ سَنَةً. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ: بُعِثَ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً. وَقَدْ مَضَى فِي سُورَةِ" الْعَنْكَبُوتِ"»
الْقَوْلُ فِيهِ. وَالْحَمْدُ لِلَّهِ. (أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ) أَيْ بِأَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ، فَمَوْضِعُ أَنْ نَصْبٌ بِإِسْقَاطِ الْخَافِضِ. وَقِيلَ: مَوْضِعُهَا جَرٌّ لِقُوَّةِ خِدْمَتِهَا مَعَ أَنْ. وَيَجُوزُ أَنْ بِمَعْنَى الْمُفَسِّرَةِ فَلَا يَكُونُ لَهَا مَوْضِعٌ مِنَ الْإِعْرَابِ، لِأَنَّ فِي الْإِرْسَالِ مَعْنَى الْأَمْرِ، فَلَا حَاجَةَ إِلَى إِضْمَارِ الْبَاءِ. وَقِرَاءَةُ عَبْدِ اللَّهِ أَنْذِرْ قَوْمَكَ بِغَيْرِ أَنْ بِمَعْنَى قُلْنَا لَهُ أَنْذِرْ قَوْمَكَ. وَقَدْ تَقَدَّمَ مَعْنَى الْإِنْذَارِ فِي أَوَّلِ" الْبَقَرَةِ" «٣». (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَعْنِي عَذَابَ النَّارِ فِي الْآخِرَةِ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: هُوَ مَا نَزَلَ عَلَيْهِمْ مِنَ الطُّوفَانِ. وَقِيلَ: أَيْ أَنْذِرْهُمُ الْعَذَابَ الْأَلِيمَ عَلَى الْجُمْلَةِ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا. فَكَانَ يدعو قومه وينذرهم فلا يرى
(١). راجع ج ٧ ص (٢٣٢)
(٢). راجع ج ١٣ ص (٣٣٢)
(٣). راجع ج ١ ص ١٨٤


الصفحة التالية
Icon