أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: هُوَ أَهْلُ التَّقْوى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ قَالَ: [قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَا أَهْلٌ أَنْ أُتَّقَى فَمَنِ اتَّقَانِي فَلَمْ يَجْعَلْ مَعِي إِلَهًا فَأَنَا أَهْلٌ أَنْ أَغْفِرَ لَهُ [لَفْظُ التِّرْمِذِيِّ، وَقَالَ فِيهِ: حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ. وَفِي بَعْضِ التَّفْسِيرِ: هُوَ أَهْلُ الْمَغْفِرَةِ لِمَنْ تَابَ إِلَيْهِ مِنَ الذُّنُوبِ الْكِبَارِ، وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ أَيْضًا لِلذُّنُوبِ الصِّغَارِ، بِاجْتِنَابِ الذُّنُوبِ الْكِبَارِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ: أَنَا أَهْلٌ أَنْ يَتَّقِيَنِي عَبْدِي، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ كُنْتُ أَهْلًا أَنْ أَغْفِرَ لَهُ [وأرحمه، وأنا الغفور الرحيم «١»].
[تفسير سورة القيامة]
سُورَةُ الْقِيَامَةِ مَكِّيَّةٌ، وَهِيَ تِسْعٌ وَثَلَاثُونَ آيَةً بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
[سورة القيامة (٧٥): الآيات ١ الى ٦]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ (١) وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ (٢) أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ (٣) بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ (٤)
بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسانُ لِيَفْجُرَ أَمامَهُ (٥) يَسْئَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ (٦)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ) قِيلَ: إِنَّ لَا صِلَةٌ، وَجَازَ وُقُوعُهَا فِي أَوَّلِ السُّورَةِ، لِأَنَّ الْقُرْآنَ مُتَّصِلٌ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ، فَهُوَ فِي حُكْمِ كَلَامٍ وَاحِدٍ، وَلِهَذَا قَدْ يُذْكَرُ الشَّيْءُ فِي سُورَةٍ وَيَجِيءُ جَوَابُهُ فِي سُورَةٍ أُخْرَى، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَقالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ «٢» [الحجر: ٦]. وَجَوَابُهُ فِي سُورَةٍ أُخْرَى: مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ «٣» [القلم: ٢]. وَمَعْنَى الْكَلَامِ: أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ جُبَيْرٍ وَأَبُو عُبَيْدَةَ، وَمِثْلُهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
تَذَكَّرْتُ لَيْلَى فَاعْتَرَتْنِي صَبَابَةٌ فَكَادَ صَمِيمُ القلب لا يتقطع
(١). ما بين المربعين زيادة من ط.
(٢). سورة الحجر ج ١٠ ص ٤.
(٣). سورة القلم ج ١٨ ص ٢٥٣.


الصفحة التالية
Icon