[تفسير سورة البروج]
سُورَةُ الْبُرُوجِ مَكِّيَّةٌ بِاتِّفَاقٍ. وَهِيَ ثَنَتَانِ وَعِشْرُونَ آية بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ[سورة البروج (٨٥): آيَةً ١]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ (١)قسم أقسم الله به عز وجل. وَفِي الْبُرُوجِ أَقْوَالٌ أَرْبَعَةٌ: أَحَدُهَا- ذَاتُ النُّجُومِ، قَالَهُ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَمُجَاهِدٌ وَالضَّحَّاكُ. الثَّانِي- الْقُصُورُ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةُ وَمُجَاهِدٌ أَيْضًا. قَالَ عِكْرِمَةُ: هِيَ قُصُورٌ فِي السَّمَاءِ. مُجَاهِدٌ: الْبُرُوجُ فيها الحرس. الثالث- ذات الخلق الحسن، قال الْمِنْهَالُ بْنُ عَمْرٍو. الرَّابِعُ: ذَاتُ الْمَنَازِلِ، قَالَهُ أبو عبيدة ويحيى ابن سَلَّامٍ. وَهِيَ اثْنَا عَشَرَ بُرْجًا، وَهِيَ مَنَازِلُ الْكَوَاكِبِ وَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ. يَسِيرُ الْقَمَرُ فِي كُلِّ برج منها يومين وثلت يَوْمٍ، فَذَلِكَ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا، ثُمَّ يَسْتَسِرُّ «١» لَيْلَتَيْنِ، وَتَسِيرُ الشَّمْسُ فِي كُلِّ بُرْجٍ مِنْهَا شَهْرًا. وَهِيَ: الْحَمَلُ، وَالثَّوْرُ، وَالْجَوْزَاءُ، وَالسَّرَطَانُ، وَالْأَسَدُ، وَالسُّنْبُلَةُ، وَالْمِيزَانُ، وَالْعَقْرَبُ، وَالْقَوْسُ وَالْجَدْيُ، وَالدَّلْوُ، وَالْحُوتُ. وَالْبُرُوجُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ: الْقُصُورُ، قَالَ اللَّهُ تعالى، وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ [النساء: ٧٨]. وقد تقدم «٢».
[سورة البروج (٨٥): الآيات ٢ الى ٣]
وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ (٢) وَشاهِدٍ وَمَشْهُودٍ (٣)
قوله تعالى: (الْيَوْمِ الْمَوْعُودِ) أَيِ الْمَوْعُودِ بِهِ. وَهُوَ قَسَمٌ آخَرُ، وَهُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، مِنْ غَيْرِ اخْتِلَافٍ بَيْنَ أَهْلِ التَّأْوِيلِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَعَدَ أَهْلَ السَّمَاءِ وَأَهْلَ الْأَرْضِ أَنْ يَجْتَمِعُوا فِيهِ. (وَشاهِدٍ وَمَشْهُودٍ) اخْتُلِفَ فِيهِمَا، فَقَالَ عَلِيٌّ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ عُمَرَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ: الشَّاهِدُ يَوْمُ الْجُمْعَةِ، وَالْمَشْهُودُ يَوْمُ عَرَفَةَ. وَهُوَ قول الحسن.
(١). سرر الشهر (بفتحتين): آخر ليلة منه وهو مشتق من قولهم: استمر القمر أي خفى ليلة السرار فربما كان ليلة وربما كان ليلتين.
(٢). راجع ج ٥ ص ٨٢
(٢). راجع ج ٥ ص ٨٢