سُورَةُ ص مَكِّيَّةٌ (١) بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
﴿ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ (١) بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ (٢) ﴾
﴿ص﴾ قِيلَ: هُوَ قَسَمٌ، وَقِيلَ: اسْمُ السُّورَةِ كَمَا ذَكَرْنَا فِي سَائِرِ حُرُوفِ التَّهَجِّي فِي أَوَائِلِ السُّورِ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ: "ص" مِفْتَاحُ اسْمِ الصَّمَدِ، وَصَادِقِ الْوَعْدِ (٢).
وَقَالَ الضَّحَّاكُ: مَعْنَاهُ صَدَقَ اللَّهُ (٣).
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: صَدَقَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
﴿وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ﴾ أَيْ ذِي الْبَيَانِ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُقَاتِلٌ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: ذِي الشَّرَفِ، دَلِيلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: "وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ" (الزُّخْرُفِ-٤٤)، وَهُوَ قَسَمٌ.
وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَابِ الْقِسْمِ، قِيلَ: جَوَابُهُ قَدْ تَقَدَّمَ، وَهُوَ قَوْلُهُ "ص" أَقْسَمَ اللَّهُ تَعَالَى بِالْقُرْآنِ أَنَّ مُحَمَّدًا قَدْ صَدَقَ.
وَقَالَ الْفَرَّاءُ: "ص" مَعْنَاهَا: وَجَبَ وَحَقَّ، وَهُوَ جَوَابُ قَوْلِهِ: "وَالْقُرْآنِ" كَمَا تَقُولُ: نَزَلَ وَاللَّهِ (٤).
وَقِيلَ: جَوَابُ الْقِسْمِ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ: وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ مَا الْأَمْرُ كَمَا يَقُولُ الْكُفَّارُ، وَدَلَّ عَلَى هَذَا الْمَحْذُوفِ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾.

(١) أخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال: نزلت سورة "ص" بمكة انظر: الدر المنثور: ٧ / ١٤٢.
(٢) انظر: زاد المسير: ٧ / ٩٧.
(٣) أخرجه الطبري: ٢٣ / ١١٨.
(٤) انظر: معاني القرآن للفراء: ٢ / ٣٩٦.


الصفحة التالية
Icon