والحجة لمن أشمّ الزّاي: أنها تؤاخي السّين في الصفير وتؤاخي الطّاء في الجهر.
قوله تعالى: عَلَيْهِمْ. يقرأ بكسر الهاء، وضمها، وإسكان الميم، وضمها وإلحاق واو بعدها. فالحجة لمن كسر الهاء: أنها لما جاورت الياء كره الخروج من كسر إلى ضم، لأن ذلك مما تستثقله العرب، وتتجافاه في أسمائها. والحجة لمن ضم الهاء: أنه أتى بها على أصل ما كانت عليه قبل دخول حرف الخفض عليها. والحجة لمن ضم الميم وألحقها الواو:
أنه جعل الواو علما للجمع كما كانت الألف علما للتثنية. والحجة لمن أسكنها وحذف الواو: أنّ الواو لما وقعت طرفا وقبلها حركة حذفها إذ لم يمكنه قلبها، ونابت الميم عنها، لأنها زائدة. وليس قولك: قاموا «١» كقولك: عليهمو.
الخلف في سورة البقرة
قوله تعالى: فِيهِ هُدىً «٢». يقرأ بالإدغام «٣» والإظهار. فالحجة لمن أدغم: مماثلة الحرفين، لأن الإدغام على وجهين: مماثلة الحرفين، ومقاربتهما. فالمماثلة: كونهما من جنس واحد.
والمقاربة «٤»: أن يتقاربا في المخرج كقرب القاف من الكاف، والميم من الباء، واللام من النون.
وإنما وجب الإدغام في ذلك لأن النطق بالمتماثلين والمتقاربين ثقيل، فخفّفوه بالإدغام، إذ لم يمكن حذف أحد الحرفين. والحجة لمن أظهر: أنه أتى بالكلام على أصل ما وجب له، ووفّاه حقّ لفظه، لأن الإظهار الأصل، والإدغام فرع عليه.
فإن كان الحرف الأول ساكنا لعلّة أو لعامل دخل عليه كان الإدغام أولى من الإظهار.
انظر: رسالة فيما يجب على القارئ أن يعلمه من مخارج الحروف. مخطوطة رقم ٢١٣٤٧ بدار الكتب المصرية (قراءات).
(١) لأن الواو في قاموا واو الجماعة وموقعها فاعل بخلاف الواو في «عليهمو» فإنها زائدة لتدل على الجمع.
(٢) البقرة: آية: ٢
(٣) الإدغام في اللغة: إدخال الشيء في الشيء، يقال: أدغمت اللجام في فم الدابة أي أدخلته فيه. وليس إدغام الحرف إدخاله فيه على الحقيقة- بل هو إيصاله به من غير أن يفكّ بينهما (شرح الشافية للعلامة المحقق رضي الدين الاسترابادي: ٣: ٢٣٥).
(٤) يقول الرّضي في شرحه شافية ابن الحاجب. (لا يمكن إدغام المتقاربين إلا بعد جعلهما متماثلين، لأن الإدغام إخراج الحرفين من مخرج واحد دفعة واحدة، ولا يمكن اخراج المتقاربين من مخرج واحد، لأن لكل حرف مخرجا على حدة. والذي أرى أنه ليس الإدغام الإتيان بحرفين، بل هو: الإتيان بحرف واحد مع اعتماد على مخرجه قويّ سواء كان ذلك الحرف متحركا نحو يمدّ زيد، أو ساكنا نحو يمد وقفا) ٣: ٢٣٥ شرح شافية ابن الحاجب.