فلا يجوز فتح الفاء هاهنا، لأن الفعل له ولم يفعل ذلك أحد به. والحجة لمن فتح:
أنه جعلهن مفعولا بهن، لم يسم فاعلهن.
وسمع أعرابي قارئا يقرأ: «كأنهن حمر مستنفرة» بفتح الفاء فقال: طلبها قسورة فلما سمع «فرت من قسورة» قال: مستنفرة إذن. فالقسورة: الرّماة. والقسورة: الأسد، فأما قول امرئ القيس:

وعمرو بن درماء الهمام إذ مشى بذي شطب عضب كمشية قسورا
«١» فإنه أراد: «قسورة» ثم رخم الهاء. وأتى بألف القافية.
قوله تعالى: كَلَّا بَلْ لا يَخافُونَ «٢». يقرأ بالياء والتاء. فالحجة لمن قرأه بالياء: أنه ردّه على قوله: بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ «٣». والحجة لمن قرأه بالتاء: أنه جعلهم مخاطبين فدلّ عليهم بالتاء.
قوله تعالى: وَما يَذْكُرُونَ «٤». يقرأ بالياء إجماعا إلّا ما تفرّد به (نافع) من التاء على معنى الخطاب. فأما تخفيفه فإجماع.
ومن سورة القيامة
قوله تعالى: لا أُقْسِمُ «٥». يقرأ بالمدّ والقصر. فالحجة لمن مدّ: أنه أراد: دخول (لا) على (أقسم) وفي دخولها غير وجه:
قال قوم: هي زائدة صلة للكلام، والتقدير: أقسم بيوم القيامة.
ابن خالويه. وتتفق رواية أبي حيان في البحر مع رواية الطبري. وغرّب بضم أوله، وتشديد ثانيه وفتحة موضع تلقاء «السّتار». وقال علقمة بن عبدة:
لليلى، ، فلا تبلى نصيحة بيننا ليالي حلّوا بالسّتار فغرّب
انظر: (البحر المحيط لأبي حيان: ٣٨٠٨، ومعجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع ٣: ٩٩٤).
(١) قال في اللسان: القسورة اسم جامع للرّماة، ولا واحد له من لفظه. وقال ابن الأعرابي: القسورة: الرّماة.
والقسورة: الأسد (اللسان: مادة: قسر) وعمرو بن درماء: هو: عمرو بن عدي، ودرماء: أمّه ونسب إليها.
ذو شطب: سيف فيه جزور. العضب: القاطع. القسور: الأسد (ديوان امرئ القيس: ٣٤٩).
(٢) المدثر: ٥٣.
(٣) المدثر: ٥٢.
(٤) المدثر: ٥٦.
(٥) القيامة: ١.


الصفحة التالية
Icon