والحجة لمن خفّف أنه أراد: نشرها مرّة واحدة. ودليله قوله: فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ «١». والحجة في قوله: وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ «٢» كالحجة فيما تقدم.
قوله تعالى: وَما هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ «٣». يقرأ بالضاد، والظاء، فوجه الضاد:
يراد به: ما هو بخيل، ووجه الظّاء يراد به: ما هو بمتّهم. والغيب هاهنا: ما غاب عن المخلوقين، واستتر مما أوحى الله عز وجل إليه وأعلمه به. وأما قوله: يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ «٤» قيل بالله عز وجل، وقيل بما غاب عنهم مما أنبأهم به الرسول عليه السلام من أمر الآخرة والبعث والنشور. وقيل بيوم القيامة. والغيب عند العرب: الليل لظلمته، وستره كلّ شيء بها.
ومن سورة الانفطار
قوله تعالى: إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ «٥». وما أشبهها مما أخبر فيه عن مستقبل بلفظ الماضي فمعناه: أنه كائن عنده لا محالة، وواقع لا شكّ فيه.
والفعل الماضي يأتي بلفظه ومعناه الاستقبال في ثلاثة مواضع: فيما أخبر الله عز وجل به، وفي الشّرط، وفي الدعاء، فما أتاك في هذه الثلاثة بلفظ الماضي فمعناه: الاستقبال ودليله واضح بيّن.
قوله تعالى: فَعَدَلَكَ «٦» يقرأ بالتشديد والتخفيف فوجه التشديد فيه: قوّمك وساوى بين ما ازدوج من أعضائك، ووجه التخفيف: أنه صرفك إلى أيّ صورة شاء: من طويل، وقصير وحسن، وقبيح.
فأمّا قوله: هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحامِ كَيْفَ يَشاءُ «٧» فمعناه: أن النطفة إذا قامت أربعين يوما صارت علقة أربعين يوما، ومضغة أربعين يوما، ثم يرسل الله تعالى إليها ملكا معه تراب من تربة العبد، فيعجنه بها، ثم يقول يا رب: طويل أم قصير؟ غني
(٢) التكوير: ١٢.
(٣) التكوير: ٢٤.
(٤) البقرة: ٣.
(٥) الانفطار: ١.
(٦) الانفطار: ٧.
(٧) آل عمران: ٦.