قوله تعالى: مُؤْصَدَةٌ «١». يقرأ بالهمز وتركه. وقد ذكرت علّته في سورة البلد «٢».
قوله تعالى: فِي عَمَدٍ «٣» يقرأ بضم العين والميم، وفتحهما. فالحجة لمن ضم: أنه جعله جمع «عماد» فقال: عمد. ودليله: جدار. جدر. والحجة لمن فتح: أنه جعله جمع. «عمود» فقال: عمد، كما قالوا: أديم وأدم، وأفيق وأفق «٤». فإن قيل: فإن ذلك بالواو، وهذان بالياء فكيف اتفقا؟ فقل: لاتفاق حروف المد واللين في موضع واحد.
ألا ترى أنّك تقول: فراش وفرش، وعمود وعمد، وسرير وسرر، فيتفق لفظ الجمع وإن كانت أبنية الواحد مختلفة لاتفاق حروف المدّ واللين في موضع واحد.
ومن سورة قريش
قوله تعالى: لِإِيلافِ قُرَيْشٍ «٥». اتفق القرّاء على كسر اللام، وهمزة مكسورة بعدها وياء بعد الهمزة إلّا «ابن عامر» فإنه قرأ بلام مكسورة، وهمزة بعدها مقصورة من غير ياء ولا مدّ، فالأصل عند من همز ومدّ: «لائلاف» قريش: «لعفلاف» «٦» قريش، فجعل الهمزة الساكنة ياء لانكسار ما قبلها، ثم ليّنها فالمدّ فيها لذلك، كما قالوا: إيمان في مصدر آمن. والحجة لمن قصر أنه أراد أيضا: لإيلاف قريش، فحذف المدة تخفيفا، لمكان ثقل الهمزة فبقي على وزن: لعلاف «٧» قريش. فأما إيلافهم فلا خلف في همزة ومده. وأما اللام فقيل: هي لام التعجب. ومعناها: اعجب يا محمد لإيلاف الله عز وجل لقريش رحلتهم في الشتاء ورحلتهم في الصيف، لأن الله كفاهم ذلك وجبى إليهم ثمرات كل شيء.
وقيل: لام إضافة وصلت آخر: أَلَمْ تَرَ «٨» بأول: «لإيلاف»، فكأنه قال:
فجعلهم كعصف مأكول لايلاف قريش.

(١) الهمزة: ٨.
(٢) انظر: ٣٧٢.
(٣) الهمزة: ٩.
(٤) الأفيق: الجلد بعد دبغه، وجمعه: أفق.
(٥) قريش: ٥١.
(٦) يقصد على وزن «لعلاف» وقد عبّر عن الهمزة بالعين لقربها من المخرج.
(٧) في الأصل «لعفلف» وهو تحريف. انظر: النشر في القراءات العشر ٢: ٣٨٦. والبحر: ٤١٥. وتفسير القرطبي ٢٠: ٢٠١، واللسان: مادة: ألف. فقد تناولت هذه المراجع القراءات في هذا الموضع في إسهاب.
(٨) الفيل: ١.


الصفحة التالية
Icon