فإن قلت: فقد اعتد بحركة «١» التقاء الساكنين في موضع آخر، وذلك قوله «٢»: لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا [البينة/ ١]، ألا ترى أنّ من يقول: لم يك زيد منطلقا، إذا تحرك لالتقاء الساكنين لم يحذف. كما أنّه إذا تحرك بحركة الإعراب لم يحذف؟ فالقول: إنّ ذلك أوجه من الأول، من حيث كثر في الاستعمال. وجاء به التنزيل. فالاحتجاج به أقوى.
فأمّا حذف الشاعر له مع تحركها بهذه الحركة كما يحذفها إذا كانت ساكنة فإن هذه الضرورة من ردّ الشيء إلى أصله نحو: «ضننوا» «٣» لأنّ الاستعمال فيه الإثبات كما أعلمتك «٤».
فهذا يجري مجرى (اسْتَحْوَذَ) في أن القياس كان على نظائره أن يعلّ، كما كان القياس في النون أن يستعمل حذفها في حال السعة إذا كانت الحركة غير لازمة ولكن الاستعمال جاء بغيره.
ومن ذلك قولهم: اضرب الاثنين. واكتب الاسم.
فحركت اللام من افعل بالكسر لالتقاء الساكنين. ثم لمّا حركت لام المعرفة من الاثنين والاسم «٥» لم تسكن اللام من افعل كما لم تسكنها في نحو: اضرب القوم، لأن تحريك اللام لالتقاء

(١) في (ط): بتحريك.
(٢) في (ط): قولهم.
(٣) من قول قعنب بن أم صاحب:
مهلا أعاذل قد جرّبت من خلقي أنّي أجود لأقوام وإن ضننوا
انظر الكتاب ١/ ١١، ٢/ ١٦١ والنوادر/ ٤٤ وشرح شواهد الشافية ٤٩٠.
(٤) كما أعلمتك ساقطة من (ط).
(٥) في (ط) من الاسم والاثنين.


الصفحة التالية
Icon