كونه محسنًا؛ لأن استفهام الإنكار مضمن معنى النفي... ومعنى إسلام وجهه للَّه إطاعته وإذعانه، وانقياده لَّله تعالى بامتثال أمره، واجتناب نهيه في حال كونه محسنًا، أي: مخلصًا عمله للَّه لا يشرك فيه به شيئًا مراقبًا فيه للهِ كأنه يراه، فإن لم يكن يراه فاللَّه تعالى يراه، والعرب تطلق إسلام الوجه، وتريد به الإذعان والانقياد التامّ، ومنه قول زيد بن نفيل العدويّ:
وأسلمت وجهي لمن أسلمت......... له المزن تحمل عذبًا زلالا
وأسلمت وجهي لمن أسلمت......... له الأرض تحمل صخرًا ثقالا] (١).
٩ - عال يعول إذا جار ومال، وهو عائل (٢).
[العرب تقول: عال يعول إذا جار ومال، وهو عائل، ومنه قول أبي طالب:
بميزان قسط لا يخيس شعيرة......... له شاهد من نفسه غير عائل
أي: غير مائل ولا جائر، ومنه قول الآخر:
قالوا تبعنا رسول اللَّه واطرحوا......... قول الرسول وعالوا في الموازين
أي: جاروا، وقول الآخر:
ثلاثة أنفس وثلاث ذود......... لقد عال الزمان على عيالي
أي: جار ومال، أما قول أحيحة بن الجلاح الأنصاريّ:
وما يدري الفقير متى غناه......... وما يدري الغني متى يعيل
وقول جرير:
اللَّه نزل في الكتاب فريضة......... لابن السبيل وللفقير العائل
وقوله تعالى: ﴿وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى﴾، فكل ذلك من العيلة، وهي الفقر، ومنه قوله تعالى: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً﴾، فعال التي بمعنى جار واوية العين، والتي بمعنى افتقر يائية العين.
وقال الشافعي رحمه اللَّه: معنى قوله: ﴿أَلاَّ تَعُولُواْ﴾، أي: يكثر عيالكم من
(٢) - ونوع المجاز هنا عند القائلين به هو المجاز العقلي، من إطلاق الفعل على ما له به ملابسه، ويسمى مجاز إسناد، وانظر الإتقان (٣/ ١٠٩).