[قوله جل وعلا في هذه الآية الكريمة: ﴿وَتَرَى الْفُلْكَ﴾ أي السفن. وقد دل القرآن على أن " الفلك " يطلق على الواحد وعلى الجمع، وأنه إن أطلق على الواحد ذكر، وإن أطلق على الجمع أنّث. فأطلقه على المفرد مذكراً في قوله: ﴿وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ. وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ﴾. وأطلقه على الجمع مؤنثا في قوله: ﴿وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ﴾ (١).] (٢).
٣١ - يطلق الوصوب على الدوام.
[قوله تعالى: ﴿وَلَهُ الدِّينُ وَاصِباً﴾... ونظير هذه الآية المذكورة قوله: ﴿وَيُقْذَفُونَ مِن كُلِّ جَانِبٍ دُحُوراً وَلَهُمْ عَذابٌ وَاصِبٌ﴾ أي دائم. وقيل: عذاب «وجمع مؤلم» والعرب تطلق الوصب على المرض، وتطلق الوصوب على الدوام. وروي عن ابن عباس أنه لما سأله نافع بن الأزرق عن قوله تعالى: ﴿وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا﴾ قال له: الوصب الدائم، واستشهد له بقول أمية بن أبي الصلت الثقفي:
وله الدين واصباً وله المل......... ك وحمد له على كل حال
ومنه قول الدؤلي:
لا أبتغي الحمد القليل بقاؤه......... يوماً بذم الدهر أجمع واصباً
وممن قال بأن معنى الواصب في هذه الآية الدائم: ابن عباس ومجاهد، وعكرمة وميمون بن مهران، والسدي وقتادة، والحسن والضحاك، وغيرهم] (٣).
٣٢ - البشارة تطلق على الخبر مما يسر، وبما يسوء.
[البشارة: الخبر بما يسر. وقد تطلق العرب البشارة على الإخبار بما يسوء، ومنه قوله تعالى: ﴿فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ ومنه قول الشاعر:
وبشرتني يا سعد أن أحبتي......... جفوني وقالوا الود موعده الحشر
وقول الآخر:
يبشرني الغراب ببين أهلي......... فقلت له ثكلتك من بشير

(١) - وقد ورد ذلك في أشعار العرب، قال أمية بن أبي الصلت:
قِيلَ فَاِهبِط فَقَد تَناهَت بِكَ الفُلكَ عَلى......... رَأَسِ شاهِقٍ مرساها
(٢) - (٣/ ٢٢٨ - ٢٢٩) (النحل/١٤)، وانظر (٦/ ٣٧٨) (الشعراء/١١٩).
(٣) - (٣/ ٢٥٥) (النحل/٥٢).


الصفحة التالية
Icon