لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} أي حجتهم كما هو الظاهر] (١).
٩٨ - يسمي انطواء القلب على الأمور الخبيثة: مرضاً.
[اعلم أن مرض القلب في القرآن يطلق على نوعين:
أحدهما: مرض بالنفاق والشك والكفر، ومنه قوله تعالى في المنافقين ﴿فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا﴾ وقوله هنا ﴿لِّيَجْعَلَ مَا يُلْقِى الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ﴾ أي كفر وشك.
الثاني: منهما إطلاق مرض القلب على ميله للفاحشة والزنى، ومنه بهذا المعنى قوله تعالى ﴿فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِى فِى قَلْبِهِ مَرَضٌ﴾ أي ميل إلى الزنى ونحوه، والعرب تسمي انطواء القلب على الأمور الخبيثة: مرضاً وذلك معروف في لغتهم ومنه قول الأعشى:
حافظ للفرج راض بالتقى......... ليس ممن قلبه فيه مرض] (٢).
٩٩ - تطلق القلة، ويراد بها العدم.
[العرب تطلق القلة، وتريد بها العدم. واستدل قائل هذا القول بقول الطرماح بن حكيم يمدح يزيد بن المهلب:
أشم ندى كثير النوادي......... قليل المثالب والقادحه
يعني: لا مثلبة فيه، ولا قادحة...
العرب تطلق القلة في لغتها، وتريد بها العدم كَقولهم: مررت بأرض قليل بها الكراث والبصل.
يعنون لا كراث فيها ولا بصل. ومنه قول ذي الرمة:
أنيخت فألقت بلدة فوق بلدة......... قليل بها الأصوات إلا بغامها
يريد: أن تلك الفلاة لا صوت فيها غير بغام ناقته. وقول الآخر:
فما بأس لو ردت علينا تحية......... قليلاً لدى من يعرف الحق عابها

(١) - (٥/ ٧٣٤) (الحج/٥٢)، وانظر أيضاً (٦/ ٢٥٤ - ٢٥٥) (النور/٦٣)، (٦/ ٤٠٧: ٤٠٩) (النمل/٤٧)، (٨/ ٦٢٢) (المدثر/٣١).
(٢) - (٥/ ٧٣٥) (الحج/٥٢).


الصفحة التالية
Icon