﴿وَمُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ﴾ ما تقدمني ﴿وَلأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ﴾ وقد كان تعالى حرم عليهم بعض الطيبات عقوبة لهم قال تعالى ﴿فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ﴾ وقال جل شأنه: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَآ إِلاَّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَآ أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ﴾ ﴿جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ﴾ معجزة دالة على صدقي، وحجة وعبرة؛ وهو كل ما قدمه من إبراء، وإحياء، وإخبار بغيب
﴿هَذَا صِرَاطٌ﴾ طريق ﴿مُّسْتَقِيمٍ﴾ ومن عجب أن يبرىء عيسى - لبني إسرائيل: الأكمه والأبرص، ويحيي لهم الموتى، ويخبرهم بالغيب الذي لا يعلمه سواهم، وما هو كائن في حلوقهم وبطونهم؛ فيأبون الانقياد لخير العباد، ويرفضون الإيمان للديان
﴿فَلَمَّآ أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ﴾ بالله، وإنكار بعثته، ونبوته: أراد أن يختار خلصاءه من بين من آمن منهم - وقليل ما هم - ﴿قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ﴾ أي من أنصاري لنصل معاً إلىالله، أو من أنصاري مع الله ﴿قَالَ الْحَوَارِيُّونَ﴾ حواري الرجل: صفوته وخاصته
﴿فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ﴾ الذين يشهدون بوحدانيتك، ويؤمنون بصدق رسولك
﴿وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ اللَّهُ﴾ أي جازاهم الله على مكرهم بمكر أشد منه وأقسى. وهذا على سبيل المقابلة. والمكر: الخداع. قال تعالى: ﴿يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ﴾
﴿إِذْ قَالَ اللَّهُ يعِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ﴾ أي مستوفي أجلك. وقد اختلف في موته عليه الصَّلاة والسَّلام؛ وهل رفع حياً، أم رفعت روحه فحسب؟ واستدل كل فريق بما يراه مؤيداً لرأيه: فاستدل من قال بموته بقوله تعالى: ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ﴾ وعيسى عليه السلام من جملة النفوس التي كتب عليها الموت. ورد الفريق الآخر بأنه عليه السلام سيذوق الموت قبيل القيامة، وبعد نزوله إلى الأرض وحكمه بشريعة نبينا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم السلام ونحن إذا قلنا برفع روحه فحسب؛ فإن سائر الأرواح ترفع إلى بارئها سبحانه وتعالى؛ ولا يكون ثمة فضل لعيسى عليه السلام اختصه الله تعالى به وزعم قوم بأنه مات ودفن بجهة سموها؛ ولعلها ببلاد الهند؛ والله تعالى أعلم بقوله وفعله أي إلى السماء
-[٦٧]- ﴿وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ﴾ بتخليصك منهم ﴿وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ﴾ وآمنوا بك ﴿فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ﴾ بك. وهم الهيود - قاتلهم الله - كفروا بموسى وعيسى ومحمد عليهم الصلاة والسلام.