﴿إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ﴾ لكبر، أو مرض، أو فقر ونحو ذلك ﴿لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً﴾ للقتال، أو للهجرة
﴿وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَماً﴾ مذهباً ومكاناً للهرب ﴿وَاسِعَةً﴾ في الرزق
﴿وَإِذَا ضَرَبْتُمْ﴾ سافرتم ﴿فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ﴾ قصر الصلاة: هو تصيير الرباعية ثنائية في السفر وقد قال بعض الفقهاء: إن صلاة السفر ركعتان، وصلاة الخوف ركعة واحدة. وقال آخرون: إن القصر في السفر حال الخوف فحسب، وأما في الأمن فلا قصر في السفر. ورووا عن النبي صلوات الله تعالى وسلامه عليه القصر حال الخوف والأمن في السفر؛ وعلى ذلك الأكثرون ﴿إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ﴾ يعذبكم ﴿الَّذِينَ كَفَرُواْ﴾ بأن يؤذوكم وقت الصلاة ويقتلوكم
﴿وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ﴾ وقت القتال، وحان وقت الصلاة ﴿فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ﴾ صلاة الخوف؛ فلينقسموا فرقتين ﴿فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُمْ﴾ فليصلوا ﴿مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ﴾ أي لتأخذ الطائفة الأخرى التي لم تقم للصلاة ﴿أَسْلِحَتَهُمْ﴾ استعداداً لملاقاة العدو؛ إذا غدر بكم، منتهزاً فرصة انشغالكم بالصلاة. وقيل: الأمر بأخذ السلاح للمصلين؛ فيأخذون سيوفهم ورماحهم وخناجرهم؛ استعداداً للدفاع إذا دهمهم العدو وقت الصلاة ﴿فَإِذَا سَجَدُواْ﴾ وأتموا سجودهم؛ فلينتقلوا من مكانهم في الصلاة ﴿فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ﴾ للمحافظة على من يصلي بعدهم؛ وهي الطائفة الأخرى - التي لم تصل، وكانت قائمة بالحراسة - ﴿وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّواْ﴾ بعد؛ لأنهم كانوا قائمين بحراسة المصلين ﴿فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ﴾ كما صلى أفراد الطائفة الأخرى ﴿وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ﴾ أي لتأخذ الطائفة التي صلت حذرها وأسلحتها؛ لتقوم بحراسة الطائفة التي قامت للصلاة. وقيل: إن الطائفة التي تأخذ حذرها وأسلحتها: هي الطائفة المصلية ﴿وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ﴾ يأخذونكم خدعة على غرة؛ وهذا هو سبب الأمر بالحيطة والحذر واتخاذ الأهبة ﴿وَلاَ جُنَاحَ﴾ لا حرج ولا إثم ﴿عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُمْ مَّرْضَى﴾ لا تستطيعون الاستمرار في حمل السلاح؛ فلا حرج عليكم في ﴿أَن تَضَعُواْ أَسْلِحَتَكُمْ﴾ أمامكم، ولا تحملوها ﴿وَخُذُواْ حِذْرَكُمْ﴾ إجعلوا الأسلحة قريبة منكم وفي متناول أيديكم ﴿إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ﴾ في الآخرة ﴿عَذَاباً مُّهِيناً﴾ عظيماً مؤلماً
﴿فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاَةَ﴾
فلا تقطعوا صلتكم بربكم، ولا تظنوا أنكم قد أديتم ما عليكم ﴿فَاذْكُرُواْ اللَّهَ﴾ تذكروه
-[١١٢]- وراقبوه ﴿قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِكُمْ﴾ أي في سائر حالاتكم؛ ليعينكم على عدوكم ﴿فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ﴾ وزال خوفكم من أعدائكم ﴿فَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ﴾ كاملة ﴿إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَّوْقُوتاً﴾ فرضاً واجباً؛ محدوداً بأوقات معلومة