﴿وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ﴾ الجبل؛ تهديداً لهم حينما امتنعوا عن العمل بما في التوراة ﴿بِمِيثَاقِهِمْ﴾ أي بسبب أخذ العهد عليهم بالإيمان بموسى، والعمل بما في التوراة ﴿وَقُلْنَا لَهُمُ ادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّداً﴾ أي ادخلوا باب إيلياء مطأطئين رؤوسكم ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * الْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ * إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِم وَلاَ الضَّآلِّينَ﴾ لا تعتدوا بالصيد ﴿فِي﴾ يوم وقد نهيتم عن ذلك ﴿وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِّيثَاقاً غَلِيظاً﴾ عهداً قوياً وثيقاً؛ فنقضوه
﴿فَبِمَا نَقْضِهِمْ﴾ فبسبب نقضهم ﴿مَّيثَاقَهُمْ﴾ الذي واثقناهم به ﴿وَكُفْرِهِم بَآيَاتِ اللَّهِ﴾ تكذيبهم بكتبه ورسله، وآياته في الآفاق والأنفس ﴿وَقَتْلِهِمُ الأَنْبِيَآءَ﴾ كيحيى وزكريا ﴿وَقَوْلِهِمْ﴾ لنبيهم، أو للرسول ﴿قُلُوبُنَا غُلْفٌ﴾ أي ذات غلاف لا تعي ما تقوله أنت ﴿بَلْ طَبَعَ اللَّهُ﴾ غطى وختم ﴿عَلَيْهَا﴾ فلا تفهم الرشد، ولا تعي الإيمان
﴿بِكُفْرِهِمْ﴾ أي بسبب كفرهم؛ وما كان الله ليطبع على قلب مؤمن ﴿وَقَوْلِهِمْ﴾ أي وبسبب قولهم ﴿عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَاناً﴾ يقال: بهته: إذا قال عليه ما لم يفعل. وقد بهتوها عليها السلام: بأن نسبوا إليها الزنا؛ وقد اصطفاها ربها وفضلها على نساء العالمين
﴿وَقَوْلِهِمْ﴾ أي وبسبب قولهم أيضاً ﴿إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ﴾ توهموا قتله وصلبه ﴿وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ﴾ ألقى الله تعالى شبهه على أحد حوارييه، وقيل: على أحد أعدائه. وذلك بعد أن أخذوه عليه الصلاة والسلام وعذبوه عذاباً شديداً، وجروه على الشوك، ولاقى منهم عنتاً لا حد له؛ كشأن سائر أنبياء الله تعالى وأصفيائه وهم اليهود لعنهم الله، اختلفوا فيمن قتلوه ﴿لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ﴾ لأنهم افتقدوا واحداً من عدة من يعرفون مع عيسى أو واحداً منهم هم ﴿وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً﴾ أي ما قتلوه مستيقنين بأنه عيسى
﴿بَل رَّفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ﴾ وهو الذي افتقدوه من عدتهم
﴿وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ﴾ أي بعيسى عليه الصلاة والسلام ﴿قَبْلَ مَوْتِهِ﴾ أي قبل موت الكتابي - حين تحضره ملائكة الموت - فلا ينفعه الإيمان، أو قبل موت عيسى عليه السلام؛ حين ينزل قبيل الساعة لقتل الدجال، والحكم بشريعة سيد الخلق عليه الصلاة والسلام؛ كما جاء في الآثار والأحاديث الشريفة ﴿وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ﴾ عيسى ﴿عَلَيْهِمْ شَهِيداً﴾ أي شاهداً على أهل الكتاب؛ بتكذيب من كذبه منهم، وتصديق من صدقه. ومن كذب بمحمد: فقد كذب بعيسى، لأن عيسى بشر بمحمد ووصفه لقومه
﴿فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ﴾ أي فبسبب ظلم الذين هادوا ضيقنا عليهم، وحرمنا عليهم الطيبات. قال تعالى: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَآ
-[١٢١]- إِلاَّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَآ أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ﴾
﴿وَبِصَدِّهِمْ﴾ أي وذلك التضييق والتحريم بسبب صدهم ﴿عَن سَبِيلِ اللَّهِ﴾ دينه


الصفحة التالية
Icon