﴿لَّكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَآ أَنزَلَ إِلَيْكَ﴾ أي لا يحزنك يا محمد حسد الحاسدين، وتكذيب المكذبين؛ فإن الله تعالى يشهد بأنك صفوته من عباده، وخيرته من خليقته، وأن ما أنزل إليك هو كلامه القديم الكريم لأنه تعالى ﴿أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ﴾ وإرادته ﴿وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ﴾ بذلك أيضاً
﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ﴾ منعوا الناس ﴿عَن سَبِيلِ اللَّهِ﴾ دينه
﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَظَلَمُواْ﴾ أنفسهم بكفرهم ﴿لَّمْ يَكُنْ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ﴾ قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ﴾ ﴿وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً﴾ يوصلهم إلى الإيمان والجنة
﴿إِلاَّ طَرِيقَ جَهَنَّمَ﴾ الذي سلكوه واختاروه لأنفسهم
﴿يأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَآءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ﴾ بالقرآن
﴿يأَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ﴾ أي لا تتجاوزوا الحد؛ حيث قالت اليهود عن عيسى: إنه ابن زنا. وقالت النصارى: إنه ابن الله ﴿وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ﴾ بأن توحدوه، وتمجدوه وتنزهوه عن الولد والصاحبة والشريك ﴿إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ﴾ كسائر الرسل الذين أرسلهم لهداية عباده ﴿وَكَلِمَتُهُ﴾ التي ﴿أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ﴾ على لسان ملائكته عليهم السلام؟ في قوله: ﴿إِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يمَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ﴾ يعني برسالة منه، وبشارة من عنده ﴿وَرُوحٌ مِّنْهُ﴾ أي رحمة منه على من اتبعه، أو وقوة منه؛ لإحيائه الموتى وإبرائه الأكمه والأبرص، وإتيانه بالمعجزات الظاهرات. قال تعالى: ﴿وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِّنْهُ﴾ أي بقوة منه، أو برحمة منه ﴿فَآمِنُواْ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ﴾ وهو ما يزعمه النصارى من أن الإله ذو ثلاثة أقانيم: الأب، والابن، وروح القدس ﴿انتَهُواْ﴾ إرجعوا عن ذلك القول.
-[١٢٣]- ﴿خَيْراً لَّكُمْ﴾ إذ أن فيه نجاتكم ﴿إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾ لا ولد له ولا والد ﴿سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ﴾ تنزه عن أن يكون له ولد؛ كما زعمت النصارى أن عيسى ابنه؛ تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً