﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ﴾ خطاب لليهود والنصارى في عهد النبي ﴿قَدْ جَآءَكُمْ رَسُولُنَا﴾ محمد ﴿يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ﴾ اسم جنس. أي ما كنتم تخفونه من كتابيكم «التوراة والإنجيل» وكان مما أخفوه وبيّنه النبي عليه الصَّلاة والسَّلام: رجم الزانيين المحصنين ﴿قَدْ جَآءَكُمْ مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ﴾ موضح؛ وهو القرآن الكريم. اللهم أمدنا بنوره، واجعله حجة لنا لا علينا
﴿يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ﴾ طريق مرضاته ﴿سُبُلَ السَّلاَمِ﴾ طرق الأمن والسلامة؛ و ﴿السَّلاَمِ﴾: يشمل كل ما تحتمله هذه الكلمة من معانٍ زاخرة بأنبل الصفات والسمات؛ فالسلام: هو السلامة والسلم، والود والهدوء، والسكينة والطمأنينة، والخير والبر ﴿وَيُخْرِجُهُمْ مِّنِ الظُّلُمَاتِ﴾ وهي جمع ظلمة؛ وهي تقع على كل ضلال وخبال، وسوء وشر، وعصيان وفسوق أرأيت كيف يتعثر الإنسان في الظلمات: فلا يرى ما يعترضه من عقبات، ولا ما يصادفه من مهاوي ومهالك؟ فيقع في موارد التهلكة وسوء العاقبة. والمراد بالظلمات أيضاً: الجهل والكفر (انظر آية ١٧ من سورة البقرة) فمن أحبه الله تعالى: هداه إلى سبل السلام، وأخرجه من الظلمات ﴿إِلَى النُّورِ﴾ والنور: كل عمل يتسم بالنبل والفضل، والهدي والرشاد أرأيت كيف يهتدي الإنسان في النور إلى سلامته وأمنه، ويتوقى مواطن الخطل والزلل؛ وبالتالي يقي نفسه غضب الرب، وسوء المنقلب والمراد بالنور: الإيمان. أي يخرجهم من ظلمات الكفر، إلى نور الإيمان ﴿بِإِذْنِهِ﴾ بأمره وإرادته ﴿وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ﴾ طريق ﴿مُّسْتَقِيمٍ﴾ طريق النجاة، طريق الفلاح، طريق الجنة كأنّ سائلاً سأل: ما هو القرآن؟ وما فائدته؟ وما جدوى نزوله؟ فقيل له: هو ﴿يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُمْ مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾ وهو تعريف عرّف به القرآن منزله تعالى؛ العالم بأسراره وأنواره، الواضع لمعالمه وأحكامه
وهذا التعريف بالقرآن؛ خير مما عرفه به الأصوليون؛ من أن القرآن: هو اللفظ العربي، المنزل
-[١٣٠]- على محمد للتدبر والتذكر، المنقول متواتراً؛ وهو ما بين دفتي المصحف؛ المبدوء بسورة الفاتحة، المختتم بسورة الناس.
وهو تعريف - كما ترى - جاف، خال من الروح والروعة الواجبة. وخير التعاريف به: تعريف منزله ومبدعه؛ تعالى شأنه، وعز سلطانه


الصفحة التالية
Icon