﴿قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً﴾ أي فمن يملك أن يدفع شيئاً أراده الله تعالى ﴿إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ﴾ الذي تزعمون ألوهيته، أو بنوتهلله أن يهلك ﴿أُمُّهُ﴾ مريم التي ولدته؛ ذكرها تعالى ليعرفهم أن الله الواجب الوجود: لا يلد ولا يولد؛ فكيف تقولون عمن ولدته مريم: إنهالله، أو ابنالله؟
﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى﴾ تبجحاً منهم ﴿نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ﴾ قالوا ذلك حين دعاهم النبي للإيمان، وحذرهم غضب الله تعالى وعقابه ﴿قُلْ﴾ لهم يا محمد: إذا كنتم صادقين في أنكم أبناء الله وأحباؤه ﴿فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم﴾ وذلك أنهم قالوا: ﴿لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَةً﴾ ﴿بَلْ أَنتُمْ﴾ في الحقيقة ﴿بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ﴾ كسائر البشر ﴿يَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ﴾ بأن يوفقه للإيمان والطاعة ﴿وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ﴾ بأن يتخلى عن هدايته؛ لتمسكه بالكفر وعناده
﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَآءَكُمْ رَسُولُنَا﴾ محمد ﴿يُبَيِّنُ لَكُمْ﴾ طرق الهداية ﴿عَلَى فَتْرَةٍ مَّنَ الرُّسُلِ﴾ أي على فتور من إرسال الرسل، وانقطاع الوحي ﴿أَن تَقُولُواْ﴾ أي أرسلناه لئلا تقولوا ﴿مَا جَآءَنَا مِن بَشِيرٍ وَلاَ نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ﴾ محمد ﴿بَشِيرٍ﴾ لمن آمن منكم وأطاع بالجنة ﴿نَذِيرٍ﴾ لمن كفر وعصى بالنار
﴿وَجَعَلَكُمْ مُّلُوكاً﴾
أي مالكين؛ بعد أن كنتم مملوكين لفرعون وقومه ﴿وَآتَاكُمْ مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِّن الْعَالَمِينَ﴾ خلصهم من الذل، وفضلهم على الكل؛ فازدادوا كفراً وعتواً وأنجاهم من البلوى، وأطعمهم المن والسلوى؛ فأبوا الطعام الأعلى، وطلبوا الطعام الأدنى وأنزل عليهم مائدة من السماء؛ فكفروا بما هنالك، وأوقعوا أنفسهم في المهالك؛ فأعد لهم ربهم عذاباً لا يعذبه أحداً من العالمين
﴿يَاقَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ﴾ أرض بيت المقدس ﴿الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ﴾ أي كتب في لوحه المحفوظ أن تسكنوها وتقيموا فيها ﴿وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ﴾ أي لا ترجعوا مدبرين منهزمين
﴿قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ﴾ أقوياء أشداء شجعاناً. وقيل: سفلة لا خلاق لهم. وقال بعض المفسرين: إنهم من بقايا قوم عاد، وأنهم ضخام الأجسام، عظام الأجساد؛ حتى أن أحدهم ليحمل الإثني عشر نفساً في أحد أكمامه. وهو قول غير صحيح، وإنما قصه القصاصون الأفاكون؛ وزينوه بروايات
-[١٣١]- لا أصل لها، وعنعنات لا وجود لها


الصفحة التالية
Icon