﴿فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ﴾ رجع إلى الله من بعد ارتكاب السرقة، واعترف بها ﴿وَأَصْلَحَ﴾ أعماله ﴿فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ﴾ يقبل توبته؛ بعد توقيع الحد عليه
﴿يَأَيُّهَا الرَّسُولُ﴾ خاطب الله تعالى سائر النبيين بأسمائهم؛ فقال: «يا آدم، يا نوح، يا إبراهيم، يا داود، يا عيسى، يا زكريا، يا يحيى» ولم يخاطب الرسول صلوات الله تعالى وسلامه عليه إلا بقوله: «يا أيها الرسول، يا أيها النبي، يا أيها المزمل، يا أيها المدثر» وفي هذا من رفعة شأنه عليه الصَّلاة والسَّلام ما لا يخفى
﴿أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ﴾ الحرام والرشوة ﴿فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ﴾ بالعدل
﴿وَالرَّبَّانِيُّونَ﴾ جمع رباني نسبة إلى الرب؛ وهم العلماء والحكماء. وقيل: هم الرهبان ﴿وَالأَحْبَارُ﴾ العلماء ﴿بِمَا اسْتُحْفِظُواْ﴾ حفظوا، واستودعوا علمه ﴿مِن كِتَابِ اللَّهِ﴾ وهو التوراة ﴿فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ﴾ أي لا تخافوهم خوفاً ينسيكم أوامري؛ فأنا أحق بالخشية منهم؛ لأني أنفع وأضر، وهم لا يستطيعون جلب نفع لأنفسهم، ولا دفع ضر عنها. وهذا نهي عن التزلف والتملق، ووجوب نهي العاصي عن عصيانه، والطاغي عن طغيانه
﴿وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَآ﴾ أي في التوراة ﴿أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ﴾ تقتل
-[١٣٥]- ﴿وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ﴾ تفقأ ﴿وَالأَنْفَ بِالأَنْفِ﴾ يجدع ﴿وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ﴾ تقطع ﴿وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ﴾ تقلع ﴿وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ﴾ فيقتص لكل عضو بمثله إذا أمكن.
لو أن المجرم المعتاد للإجرام، والذي أشربت نفسه حب الأذى والضرر؛ علم أنه لو فقأ عيناً فقئت عينه، أو كسر سناً كسرت سنه؛ لما جسر على الأذى: ولا قوي على الفتك ولو أن أعصى العصاة، وأعتى العتاة؛ حينما يضع يده على عصاه؛ ليوقع الضرر بعبادالله: علم أنه إنما يضرب نفسه، ويقتطع من جوارحه: لانقلبت شروره خيرات، وسيئاته حسنات؛ ولكان مندفعاً إلى الخير - إن لم يكن بطبيعته وفطرته - فبرعبه ورهبته غير ما في هذه العقوبات الرادعة من شفاء للقلوب المكلومة، والنفوس الموتورة؛ التي يتولد منها - بسبب عدم إنزال العقاب الصارم، بالمجرم الظالم - سلسلة جرائم وأخذ ثارات؛ يتزلزل لها الأمن وتنزعج منها العدالة أرشد الله تعالى الناس، لما يصلح الناس ﴿فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ﴾ أي تجاوز عن حقه في الاقتصاص من المعتدي ﴿فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ﴾ أي إن ذلك التجاوز تكفير لبعض ذنوب المعتدى عليه، أو هو كفارة للمعتدي نفسه؛ لأن العفو كالاقتصاص؛ فلا يجوز للمعتدى عليه أن يطالبه بالقصاص بعد التصدق والعفو