﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ﴾ ناصركم ﴿وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾ جعل تعالى إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة: شرطاً من شرائط الإيمان؛ فلينظر هذا وليعتبر
﴿وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ﴾ أي أذن مؤذنكم بها ﴿اتَّخَذُوهَا هُزُواً وَلَعِباً﴾ هذه صفة الكافرين؛ وصفهم الله تعالى بها في كتابه الكريم؛ ومن عجب أن هذه الصفة قد أصبحت من سمات كثير ممن تسموا بالمؤمنين: يراك أحدهم وقد شرعت في طاعة مولاك بإقامة الصلاة - التي أمرك بأدائها - فيغرب في الضحك، ويمعن في السخرية، وي٠جتمع حولك مع أمثاله من الفاسقين الضالين؛ فيجعلون من صلاتك سبباً للضحك عليك، والسخرية بك ﴿فَلْيَضْحَكُواْ قَلِيلاً وَلْيَبْكُواْ كَثِيراً جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ﴾
﴿قُلْ يَأَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنقِمُونَ﴾ هل تكرهون ﴿مِنَّآ إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا﴾ من القرآن ﴿وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبْلُ﴾ على النبيين أي ثواباً. والمثوبة - وإن كانت مختصة بالإحسان - لكنها وضعت هنا موضع العقوبة؛ كقوله تعالى: ﴿فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾
﴿مَن لَّعَنَهُ اللَّهُ﴾ طرده من رحمته ﴿وَغَضِبَ عَلَيْهِ﴾ وأي شر أشر من لعن الله تعالى وغضبه؟ بل أي درك ينحط فيه إنسان - بعد اللعن والغضب - أحط من المسخ؟
﴿وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ﴾ وأي حيوان أقبح شكلاً، وأخبث منظراً، وأكره رائحة، وأزرى خلقاً وهيئة من القردة والخنازير؟ هذا وصف بني إسرائيل من ناحية الخلق؛ أما وصفهم من ناحية الخلق: فشأنه لا يقل بحال عن الخلق؛ فقد وصفهم الله تعالى بقوله ﴿وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ﴾ والمراد بالطاغوت: الطغيان المادي أو هو كل رأس في الضلال؛ هذه الصفات، وتلك السمات؛ ساقها الله تعالى وصفاً لليهود ﴿أُوْلَئِكَ شَرٌّ مَّكَاناً﴾ في الدنيا: بما ضرب عليهم من الذلة والمسكنة، وفي الآخرة: بما أعده الله تعالى
-[١٣٩]- لهم من عذاب النار وبئس المصير ﴿وَأَضَلُّ عَن سَوَآءِ السَّبِيلِ﴾ عن طريق الصواب والحق


الصفحة التالية
Icon