﴿وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ﴾ الحرام والرشوة. والسحت: الحرام. أو هو ما خبث من المكاسب فلزم عنه العار ﴿لَوْلاَ﴾ هلا ﴿يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ﴾ الزهاد فيهم ﴿وَالأَحْبَارُ﴾ العلماء ﴿عَن قَوْلِهِمُ الإِثْمَ﴾ الكذب والزور
﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ﴾ أي شحيحة بخيلة؛ تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً ﴿غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ﴾ دعاء عليهم بتقييد أيديهم عن عمل الخير؛ ليحرموا من ثوابه ﴿بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ﴾ غل اليد وبسطها: كناية عن البخل والجود. قال تعالى ﴿وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ﴾ ومن أكرم من الله؟ ومن أبسط يداً منه تعالى؟ ﴿وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَآءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾ أي بين اليهود والنصارى وبين سائر المسلمين؛ لأنه تعالى قال قبل ذلك: ﴿لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَآءَ﴾ أو هو بين اليهود أنفسهم؛ فكل فرقة منهم تخالف الأخرى؛ ولقوله تعالى: ﴿تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى﴾ فهم متباغضون أبد الدهر، متنافرون طول العمر؛ شتت الله تعالى شملهم، وفرق جمعهم
﴿لَكَفَّرْنَا﴾ محونا
﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيهِمْ مِّن رَّبِّهِمْ لأَكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم﴾ يؤخذ من هذه الآية الكريمة: أن الطاعات مفتاح لسائر السعادات، وأن ما عند الله لا ينال إلا بطاعته ﴿مِّنْهُمْ أُمَّةٌ﴾ طائفة ﴿مُّقْتَصِدَةٌ﴾ تعمل بالعدل والخير؛ ولا تقول إلا الحق. وأصل القصد: الاستقامة؛ وهو ضد الإفراط؛ والمقصود بهم الطائفة التي قالت في عيسى: إنه رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم، وروح منه؛ ولم تقل: إنه ابنالله، أو إنه ابن زنا؛ صلوات الله تعالى وسلامه عليه ﴿وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَآءَ مَا يَعْمَلُونَ﴾ أي ساء الذي يعملونه؛ لأن أعمالهم كلها سيئة
﴿وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ﴾ يحفظك من مكرهم وكيدهم؛ فلا يتمكن أحد من قتلك أو خداعك؛ وقد كان الصحابة رضوان الله تعالى عليهم يحرسون الرسول، فلما نزلت ﴿وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ﴾ قال: «انصرفوا عني فقد عصمني الله من الجن والإنس؛ فلا أحتاج إلى من يحرسني» أما عصمته - صلوات الله تعالى وسلامه عليه - من الشيطان: فهي عصمة مصاحبة له منذ ولد عندما تداعى إيوان كسرى، وخبت نيران الفرس؛ وعندما شق جبريل الأمين عن صدره الشريف؛ فنزع منه حظ الشيطان من بني الإنسان؛ فكان معجزة الله تعالى بين البشر، وسيد ولد آدم ولا فخر
﴿قُلْ يَأَهْلَ الْكِتَابِ﴾ اليهود والنصارى ﴿لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ﴾ أي لستم على دين، ولا على نظام، أو لستم على حق
-[١٤٠]- ﴿حَتَّى تُقِيمُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْكُمْ مِّن رَّبِّكُمْ﴾ بأن تعملوا بما فيها. وفي التوراة والإنجيل نعت محمد، والتبشير بمجيئه؛ فالإيمان به إذن: إقامة للتوراة والإنجيل، وعمل بما فيهما (انظر آية ١٥٧ من سورة الأعراف) ﴿وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِّنْهُم﴾ أي من اليهود والنصارى ﴿مَّآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ﴾ من القرآن ﴿طُغْيَاناً﴾ على طغيانهم ﴿وَكُفْراً﴾ على كفرهم ﴿فَلاَ تَأْسَ﴾ لا تحزن