﴿ذلِكَ﴾ الذي مر ذكره؛ من ترتيب الشهادة، ودفعها عند الارتياب ووقوع الإثم ﴿أَدْنَى﴾ أقرب ﴿أَن يَأْتُواْ﴾ أي الشهداء ﴿بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَآ﴾ الصحيح؛ كما حملوها بلا خيانة فيها
﴿أَوْ يَخَافُواْ أَن تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ﴾ فيفتضحوا بظهور كذبهم الذين أرسلهم لهداية خلقه
﴿فَيَقُولُ مَاذَآ أُجِبْتُمْ﴾ أي بماذا أجابكم أقوامكم
﴿إِذْ قَالَ اللَّهُ يعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ﴾ بالإمامة والرسالة ﴿وَعَلَى وَالِدَتِكَ﴾ بالطهارة، والاصطفاء على نساء العالمين ﴿إِذْ أَيَّدتُّكَ﴾ قويتك ﴿بِرُوحِ الْقُدُسِ﴾ جبريل عليه السلام ﴿تُكَلِّمُ النَّاسَ﴾ صغيراً ﴿فِي الْمَهْدِ﴾ المهد: فراش الطفل ﴿وَكَهْلاً﴾ الكهل: الذي جاوز الثلاثين ووخطه الشيب ﴿وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ﴾ الكتابة ﴿وَالْحِكْمَةَ﴾ العلم النافع ﴿وَتُبْرِىءُ الأَكْمَهَ﴾ وهو الذي ولد أعمى ﴿وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوتَى﴾ من القبور أحياء ﴿بِإِذْنِي﴾ قيل: أخرج سامبن نوح، ورجلين، وامرأة، وجارية؛ وتكلم معهم خلق كثير. وقال بعض المحدثين: المراد بالموتى: موتى القلوب والنفوس. وهو قول هراء لا يلتفت إليه عاقل؛ وذلك لأن إحياء موتى القلوب متيسر لمن عنده أدنى معرفة ب الله تعالى؛ فكيف يكون معجزة لنبي؟ والمعجزة من صفاتها وخصائصها عدم توفرها لغير نبي مؤيد من الله تعالى ﴿وَإِذْ كَفَفْتُ﴾ منعت ﴿بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنكَ﴾ أي اليهود حين هموا بقتلك ﴿إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ﴾ بالمعجزات والحجج الظاهرات
﴿وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ﴾ وحي إلهام. والحواريون: الخواص والأصفياء؛ وهم أنصار عيسى عليه السلام
﴿قَالَ اتَّقُواْ اللَّهَ إِن كُنْتُم مُّؤْمِنِينَ﴾ أي لا تمتحنوا ربكم باقتراح الآيات والمعجزات؛ خشية أن يصيبكم عذابه - إذا كذبتموني بعد نزولها - قال تعالى: ﴿إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَاباً لاَّ أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِّنَ الْعَالَمِينَ﴾ (
انظر آية ١٠صلى الله عليه وسلّم من هذه السورة)
﴿قَالُواْ نُرِيدُ أَن نَّأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا﴾ بأنها منزلة من السماء، وليست من صنع البشر ﴿وَنَعْلَمَ﴾ بذلك ﴿أَن قَدْ صَدَقْتَنَا﴾ في ادعائك النبوة
﴿تَكُونُ لَنَا﴾ يوم نزولها ﴿عِيداً لأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً﴾ علامة دالة على صدقي، وعلى وجودك
﴿قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ﴾ كما اقترحتم ﴿فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ﴾ أي بعد نزولها
﴿قَالَ سُبْحَانَكَ﴾ أنزهك عما لا يليق بك (انظر آية صلى الله عليه وسلّم من سورة الإسراء) ﴿مَا يَكُونُ لِي﴾ ما يصح لي ولا يجوز ﴿أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ﴾ فكيف بادعاء الألوهية؟
-[١٥٠]- وسؤاله تعالى لعيسى يوم القيامة ليس سؤال استفهام؛ بل هو لإقامة الحجة على هؤلاء الكفرة الفجرة الذين عبدوا من دون الله مخلوقات الله؛ واتخذوا عبيده آلهة؛ تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً ﴿إِن كُنتُ قُلْتُهُ﴾ أي قلت للناس ذلك القول ﴿فَقَدْ عَلِمْتَهُ﴾ لأنك علام الغيوب ﴿تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي﴾ أي ما أكنه في صدري؛ فكيف بالذي أقوله بلساني؟