﴿أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِّنَ الْقُرُونِ﴾ الأمم ﴿يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ﴾ أي أفلم يتبين لهم، أو أفلم يرشدهم ويدلهم إهلاك من مضى قبلهم من القرون؛ وقد رأوا مساكنهم ومشوا فيها: فيهتدوا إلى طريق الحق والصدق؛ بأن يؤمنوا ب الله ورسوله. وقيل: «أفلم يهد لهم» أي الله تعالى؛ يدل عليه قراءة بعضهم «أفلم نهد لهم» ﴿إِنَّ فِي ذلِكَ﴾ المذكور، أو ذلك المشي في مساكن الأمم السابقة المكذبة؛ ورؤية ما حل بها من هلاك وتدمير إن في جميع ذلك ﴿لآيَاتٍ﴾ لعبراً وتذكيراً ﴿لأُوْلِي النُّهَى﴾ لذوي العقول
﴿وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ﴾ بتأخير العذاب عن المكذبين من أمتك إلى يوم القيامة ﴿لَكَانَ لِزَاماً﴾ أي لكان العذاب لازماً، ولزاماً عليهم؛ وقت ارتكابهم الآثام في الدنيا
﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ﴾ إشارة إلى الصلوات الخمس: ﴿قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ﴾ صلاة الفجر ﴿وَقَبْلَ غُرُوبِهَا﴾ صلاة العصر ﴿وَمِنْ آنَآءِ الْلَّيْلِ﴾ ساعاته ﴿فَسَبِّحْ﴾ فصلّ.
والمراد بها صلاتا المغرب والعشاء ﴿وَأَطْرَافَ النَّهَارِ﴾ صلاة الظهر؛ لأن وقتها يدخل بزوال الشمس والزوال: طرف النصف الأول، وطرف النصف الثاني من النهار. وقيل: المراد بالآية: صلاة التطوع. والذي أراه: أنه ذكر الله تعالى، وتسبيحه، وتمجيده في كل وقت وحين: قبل طلوع الشمس، وقبل غروبها، وآناء الليل، وأطراف النهار؛ فقد اشتملت هذه الأوقات سائر النهار والليل ﴿لَعَلَّكَ﴾ بمواظبتك على العبادة، وتمسكك بمرضاة الله تعالى ﴿تَرْضَى﴾ أي يثيبك الله تعالى حتى ترضى. وقرىء «لعلك ترضى» بضم التاء؛ أو لعلك تعطى ما يرضيك
﴿وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ﴾ أصنافاً من الكفار ﴿زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ زينتها بالنبات والأقوات، والثمار والأشجار ﴿لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ﴾ أي لا تطل النظر والتفكر إلى ما متعنا به أصنافاً من الكفار بأنهم لا يستحقونه؛ فإنه فتنة لهم؛ ليحق عليهم العذاب ﴿وَرِزْقُ رَبِّكَ﴾ نعيمه في الآخرة ﴿خَيْرٌ﴾ مما تراه في الدنيا ﴿وَأَبْقَى﴾ لأنه دائم لا يفنى
﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاَةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا﴾ أي داوم على أدائها، والأمر بها
﴿وَقَالُواْ﴾ أي قال المشركون ﴿لَوْلا﴾ هلا ﴿يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِّن رَّبِّهِ﴾ معجزة مما يقترحونه. قال تعالى؛ رداً على قولهم ﴿أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ﴾ في هذا القرآن ﴿بَيِّنَةُ﴾ بيان ﴿مَا فِي الصُّحُفِ الأُولَى﴾ كالإنجيل، والتوراة، والزبور، وغيرها؛ مما أنزله الله تعالى. وبيان ما في هذه
-[٣٨٨]- الصحف: أنباء الرسل وأنباء الأمم المتقدمة، وما حل بالمكذبين منها. أي ألم يكفهم هذا معجزة لمحمد؟ وهو النبي الأمي، الذي لم يخط حرفاً، ولم يقرأ كتاباً


الصفحة التالية
Icon