﴿أُفٍّ لَّكُمْ﴾ أي قبحاً لكم؛ وهي كلمة تضجر وتكره
﴿قَالُواْ حَرِّقُوهُ وَانصُرُواْ آلِهَتَكُمْ﴾ بعد أن أقام عليهم الدليل القاطع، والبرهان الساطع؛ على فساد عباداتهم، وسخف معتقداتهم؛ يقولون هذا القول ولا بدع فالنار مثوى لهم وقد أوقدوا ناراً عظيمة؛ بلغ من عنفها وشدتها أن أحرقت الطير في جو السماء؛ ووضعوا إبراهيم في منجنيق، وقذفوا به وسط هذه النار؛ التي تذيب صلد الأحجار؛ وهنا تتجلى قدرة الجبار، ويثبت أنه وحده النافع الضار هنا يقيم القهار الدليل على وجوده لأعدائه، وعلى حفظه وكلاءته لأوليائه: فيقلب طبائع الأشياء، ويخص ما شاء بما شاء؛ كيف لا وهو ذو العرش المجيد، الفعال لما يريد
﴿قُلْنَا ينَارُ﴾ يا من طبعتك على الإحراق ﴿كُونِي بَرْداً وَسَلاَمَا عَلَى﴾ عبدي ورسولي ﴿إِبْرَاهِيمُ﴾ وأبدى القوي المتين: سره المكنون؛ وأن أمره بين الكاف والنون: فصارت النار المحرقة، كالرياض المونقة
﴿وَأَرَادُواْ بِهِ كَيْداً﴾ إيذاء بإحراقه بالنار ﴿فَجَعَلْنَاهُمُ الأَخْسَرِينَ﴾ في الدنيا والآخرة. قيل: سلط الله تعالى عليهم البعوض فأهلكهم، وشرب دماءهم، ودخلت واحدة منه في منخر رئيسهم النمرود: فصار يضرب رأسه بالحائط، ويأمر رعيته بضرب رأسه؛ حتى ينزف دماً؛ فلا يستريح، ولا يقر له قرار؛ حتى هلك بعد أن أذاقه الله تعالى الهوان والعذاب الأليم
﴿إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ﴾ وهي الشام؛ وقد باركها الله تعالى بنزول أكثر الأنبياء بها، وبكثرة الأنهار، والأشجار، والثمار
﴿وَوَهَبْنَا لَهُ﴾ أي لإبراهيم ﴿إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً﴾ أي زيادة على ما سأل: لأنه سأل ولداً، فأُعطي اثنين
﴿وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَت تَّعْمَلُ الْخَبَائِثَ﴾ هو إتيان الذكران
﴿وَنُوحاً إِذْ نَادَى مِن قَبْلُ﴾ دعا بقوله: ﴿رَّبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً﴾ وقوله: ﴿أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ﴾ ﴿فَاسْتَجَبْنَا لَهُ﴾ دعاءه، وانتصرنا له باستئصال الكافرين من قومه ﴿فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ﴾ الذين آمنوا معه