سورة الصافات

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ


﴿وَالصَّافَّاتِ صَفَّا﴾ الملائكة تصطف في العبادة، أو تصف أجنحتها. قال تعالى على لسانهم ﴿وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّآفُّونَ﴾ أو هم المؤمنون يصطفون للصلاة. وقيل: الطير؛ لأن في صفها وقبضها، وإمساكها في الهواء؛ من آيات الله تعالى ودلائل قدرته ما فيه
﴿فَالزَّاجِرَاتِ زَجْراً﴾ الملائكة تزجر السحاب وتسوقه بأمر الله تعالى، أو هم المؤمنون: الزاجرون الناس عن المعاصي، الآمرون بالمعروف، الناهون عن المنكر
﴿فَالتَّالِيَاتِ ذِكْراً﴾ الذين يتلون القرآن؛ من سائر المخلوقات. والتأنيث في الجمع هنا على اعتبار أنه جمع طائفة، أو جماعة.
وقيل في هذه الآيات: إنها في المجاهدين؛ يصفون للقتال في سبيلالله، ويزجرون الخيل للجهاد، ويتلون الذكر طلباً للنصر أقسم الله تعالى بملائكته، وصفوة عباده، والمجاهدين في سبيله، والآمرين بالمعروف، الناهين عن المنكر، المنقطعين لعبادته، العاكفين على تلاوة كتابه. وجواب القسم
﴿إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ﴾ لا إله إلا هو، ولا معبود سواه
﴿رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ وما فيهما ﴿وَمَا بَيْنَهُمَا﴾ من مخلوقات، وعجائب؛ لا يعلمها، ولا يحيط بها إلا خالقها ﴿وَرَبُّ الْمَشَارِقِ﴾ جمع مشرق؛ وذلك لأن الشمس لها في كل يوم مشرق ومغرب؛ بعدد أيام العام. أو هو مشرق كل نجم، وكل كوكب. ومشرق الشيء: نوره وطلوعه
﴿إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَآءَ الدُّنْيَا﴾ وهي أول سماء تلي الأرض ﴿بِزِينَةٍ﴾ وأي زينة ﴿الْكَوَاكِبِ﴾ جمع كوكب؛ وهي النجوم
﴿وَحِفْظاً مِّن كُلِّ شَيْطَانٍ مَّارِدٍ﴾ متمرد، عنيد، جبار
﴿لاَّ يَسَّمَّعُونَ﴾ لا يتسمعون. أي لا يستطيعون التسمع ﴿إِلَى الْمَلإِ الأَعْلَى﴾ الملائكة في السماء ﴿وَيُقْذَفُونَ﴾ أي الشياطين الذين يحاولون استراق السمع: تقذفهم الملائكة بالشهب
﴿دُحُوراً﴾ طرداً. والدحور: الطرد والإبعاد. قال تعالى على لسانهم ﴿وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَآءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً * وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَن يَسْتَمِعِ الآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَّصَداً﴾
﴿وَلَهُمْ عَذابٌ وَاصِبٌ﴾ دائم، موجع. من الوصب: وهو المرض الذي يصل إلى القلب
﴿فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ﴾ شعلة من نار تحرقه. والثاقب: النافذ؛ الذي يثقب. والشهب: هي التي ترى في الأفق، كأنها كواكب منقضة
﴿فَاسْتَفْتِهِمْ﴾ اسألهم ﴿أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقاً﴾ أعظم خلقة، وأمتن بنية، وأشق إيجاداً
-[٥٤٤]- ﴿أَم مَّنْ خَلَقْنَآ﴾ من السموات والأرضين، وما فيهما من كائنات ومخلوقات. والمراد: كل ما عدا بني آدم: من الملائكة، والجن، والسموات والأرضين، والكواكب، والبروج، وغير ذلك مما لا يدركه الوصف، ولا يحيط به الوهم ﴿إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّن طِينٍ لاَّزِبٍ﴾ لازم؛ أي يلصق باليد


الصفحة التالية
Icon