سورة الممتحنة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ


﴿يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَآءَ﴾ أي لا تتخذوا الكفار - الذين هم أعدائي: فلا يؤمنون بي، وأعداؤكم: فيسعون في إيصال الأذى بكم - أولياء توالونهم؛ وتتخذون منهم أصدقاء وأحباء ﴿تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ﴾ بالحب، ومظاهر الاحترام. وكيف يكون هذا حالكم معهم ﴿وَقَدْ كَفَرُواْ بِمَا جَآءَكُمْ مِّنَ الْحَقِّ﴾ الإسلام والقرآن. ولم يكتفوا بكفرهم وتكذيبهم؛ بل بلغ من إيذائهم أنهم ﴿يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ﴾ من مكة ﴿أَن تُؤْمِنُواْ بِاللَّهِ رَبِّكُمْ﴾ أي لأنكم تؤمنون ب الله ربكم ﴿إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغَآءَ مَرْضَاتِي﴾ فاحذروا ذلك؛ إذ أن خطر المنافق في الحرب أبلغ من خطره في السلم ﴿تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ﴾ وهذا غير لائق بالمؤمنين ﴿وَمَن يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ﴾ ﴿وَأَنَاْ أَعْلَمُ بِمَآ أَخْفَيْتُمْ وَمَآ أَعْلَنتُمْ﴾ لا تخفى منكم خافية ﴿وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ﴾ أي يوالي العصاة، والكافرين، والمنافقين، ويوادهم ﴿فَقَدْ ضَلَّ سَوَآءَ السَّبِيلِ﴾ أخطأ طريق الحق والصواب؛ لأنهم
﴿إِن يَثْقَفُوكُمْ﴾ أي إن يجدوكم ويظفروا بكم ﴿يَكُونُواْ لَكُمْ أَعْدَآءً وَيَبْسُطُواْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ﴾ بالقتال ﴿وَأَلْسِنَتَهُمْ﴾ بالإيذاء
﴿لَن تَنفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ﴾ قراباتكم لهم ﴿وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ﴾ المشركون؛ و
﴿قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ﴾ قدوة ﴿حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ﴾ إذ تبرأ من أبيه حين أبى الإيمان
-[٦٨١]- ﴿رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا﴾ فاكفناهم الدنيا (انظر آية ٨١ من سورة النساء) ﴿وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا﴾
رجعنا وأقبلنا


الصفحة التالية
Icon