﴿فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاَةُ فَانتَشِرُواْ فِي الأَرْضِ﴾ امشوا فيها؛ وهو أمر إباحة، لا أمر إلزام ﴿وَابْتَغُواْ مِن فَضْلِ اللَّهِ﴾
رزقه؛ بالسعي في مصالحكم، أو أريد بفضل الله: العلم
﴿انفَضُّواْ﴾ تفرقوا من عندك، وعن الاستماع إلى نصحك ﴿انفَضُّواْ﴾ أي إلى التجارة أو اللهو ﴿وَتَرَكُوكَ قَآئِماً﴾ وقد كان الرسول عليه الصلاة والسلام يخطب يوم الجمعة؛ فقدم دحية بن خليفة بتجارة من الشام؛ فقاموا إليه وتركوا النبي قائماً وحده؛ ولم يبق معه غير اثني عشر رجلاً من صحابته عليه الصلاة والسلام ﴿قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ﴾ من الأجر والثواب ﴿خَيْرٌ﴾ مما انصرفتم إليه ﴿مِّنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ﴾ لأن الصلاة: مرضات لله، والله جل شأنه يملك الدنيا والآخرة، ويملك خزائن الأرض والسموات. فإن شاء أبكاكم، وإن شاء أضحككم ﴿وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى﴾ وإن شاء أعطاكم، وإن شاء منعكم ﴿إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ﴾ ﴿وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ ولا رازق سواه أصلاً وإن قيل: فلان يرزق عياله؛ فقد أريد أنه يسعى عليهم من فضل الله
سورة المنافقون

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ


﴿إِذَا جَآءَكَ الْمُنَافِقُونَ﴾ يا محمد ﴿قَالُواْ﴾ نفاقاً ورياء ﴿نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ﴾ ﴿يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ﴾ ﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ﴾ شهد المنافقون بذلك أو لم يشهدوا ﴿وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ﴾ فيما يقولون
﴿اتَّخَذُواْ أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً﴾ أي اتخذوا شهادتهم للرسول بالرسالة: وقاية لهم من القتل والأسر (انظر آية ١٦ من سورة المجادلة) ﴿فَصَدُّواْ﴾ منعوا الناس ﴿عَن سَبِيلِ اللَّهِ﴾ دينه القويم ﴿إِنَّهُمْ سَآءَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾ من نفاقهم وكذبهم. وقد لحقهم السوء - في حياتهم - بانكشاف سترهم، وانفضاح أمرهم، وسيلحقهم - بعد موتهم - فيما يلقونه من العذاب في قبورهم، وفي الجحيم بعد بعثهم
﴿ذَلِكَ﴾ السوء الذي وقع منهم ﴿بِأَنَّهُمْ﴾ بسبب أنهم ﴿آمَنُواّ﴾ أي نطقوا بكلمة الشهادة؛ كسائر من يدخل في الإيمان
-[٦٨٨]- ﴿ثُمَّ كَفَرُوا﴾ ظهر كفرهم بما أبدوه من نفاقهم. أو قالوا كلمة الإيمان للمؤمنين ﴿وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكْمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ﴾ ﴿فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾ غطى عليها؛ فلا تقبل الإيمان؛ بسبب نفاقهم، وكفرهم بعد إيمانهم. فالطبع على قلوبهم: كان عقوبة لهم؛ لأن كفرهم سابق على طبع الله تعالى وتغطيته على قلوبهم؛ و ﴿كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ﴾


الصفحة التالية
Icon