سورة العصر

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ


﴿وَالْعَصْرِ﴾ أي والدهر. أقسم الله تعالى بالدهر لنتخذ من التاريخ عظة وعبرة؛ فنعلم أن الرومان أهلكهم الترف، وأطاح بملكهم الفجور والخمور. وأن الفراعنة: أهلكهم الكفر والكبر. وأن كثيراً ممن سبقنا من الأمم ﴿نَسُواْ اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ﴾ وأن البقاء دائماً للأصلح، و ﴿أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ﴾.
هذا وقد يكون المراد بالعصر: صلاة العصر؛ لفضلها، أو لكونها الصلاة الوسطى
﴿إِنَّ الإِنسَانَ لَفِى خُسْرٍ﴾ أي لفي خسران؛ لأنه يفضل العاجلة على الآجلة؛ في حين أنه - فيما يتعلق بالدنيا - بفضل الآجلة على العاجلة: فكم أقرض محتاجاً رغبة في الربا لأنه مطمئن لصدق مقرضه وملاءته. أما وعد الإله - الغني القدير - بالجزاء؛ فليس في حسبانه، ولا يدخل في مجال اليقين لديه؛ فبئست التجارة تجارته؛ وهو في خسران أبد الدهر
﴿إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُواْ﴾ بالله تعالى، وصدقوا برسله وكتبه، وبوعده ووعيده ﴿وَتَوَاصَوْاْ بِالْحَقِّ﴾ أي أوصى بعضهم بعضاً بالحق الذي شرعه الله تعالى وأمر به. والحق: الخير كله؛ من توحيد الله تعالى، وطاعته، واتباع ما أمر به واجتناب ما نهى عنه ﴿وَتَوَاصَوْاْ بِالصَّبْرِ﴾ على الشدائد والمصائب، والصبر على الطاعات، وعن المعاصي.
سورة الهمزة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ


﴿وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ﴾ وهو الذي يغتاب الناس، ويطعن في أعراضهم. والهمز: الغمز والضغط، والنخس. واللمز: العيب، والإشارة بالعين
﴿الَّذِى جَمَعَ مَالاً﴾ كثيراً؛ لأن القليل: لا يسمى جمعاً ﴿وَعَدَّدَهُ﴾ أحصاه، أو جعله عدة لنوائب الدهر
﴿يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ﴾ أي يظن أن سعة ماله تخلده في الدنيا؛ فلا يموت. أو تخلده في الغنى والنعيم؛ فلا يساق إلى الجحيم
﴿كَلاَّ﴾ ردع عن ذلك ﴿لَيُنبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ﴾ أي ليطرحن في النار. وسميت حطمة: لأنها تحطم كل شيء
﴿وَمَآ أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ﴾ تهويل لشأنها، وتعظيم لأمرها
﴿نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ﴾ جهنم أعاذنا الله تعالى منها
﴿الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الأَفْئِدَةِ﴾ أي تحرق قلوب الكافرين. وخص الأفئدة بالذكر: لأنها مكان الكفر، وموطن النفاق. ولأنها أيضاً لا شيء في البدن أشرف منها، ولا أشد تألماً
﴿إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ﴾
-[٧٦٢]- مطبقة مغلقة. من آصد الباب: إذا أغلقه


الصفحة التالية
Icon