﴿تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ﴾ أي من طين متحجر. أو المراد إنها حجارة من جهنم؛ لقوة بأسها، وشدة عذابها. ولعله من السجل: وهو النصيب. أي إن كل حجر منها من نصيب رجل منهم
﴿فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولِ﴾ العصف: ورق الشجر الذي يجف، وتعصف به الريح. والمأكول: الذي أكله السوس، أو أكل الدواب بعضه، وتناثر بعضه. وقيل: إن الطير الأبابيل: هي ميكروبات الأمراض، وإنه قد تفشى فيهم مرض الجدري؛ بدرجة يندر وقوع مثلها؛ فكان لحمهم يتساقط؛ حتى هلكوا عن آخرهم. ولا حرج من تمثيل الميكروب بالطير؛ لحمل الهواء له، وكثرة تنقله.
سورة قريش
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
﴿لإِيلاَفِ قُرَيْشٍ﴾ أي لأجل تأليف قريش، وإذهاب عداواتهم وأضغانهم
﴿إِيلاَفِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَآءِ وَالصَّيْفِ * فَلْيَعْبُدُواْ رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ﴾ أي «فليعبدوا رب هذا البيت» الذي ألف بين قلوبهم في رحلة الشتاء والصيف. وكانت لهم رحلة في الشتاء إلى اليمن، وفي الصيف إلى الشام للتجارة. وكانوا في رحلتيهم آمنين لا يتعرض لهم أحد. وقيل: المعنى متصل بما قبله في الصورة السابقة. أي «فجعلهم كعصف مأكول، فليعبدوا رب هذا البيت» الذي حماه من المغيرين، وأهلك المعتدين، ولا يتشاغلوا عنه تعالى بأنعمه، ولا يجعلوا كفره مكان شكره. وهو جل شأنه
﴿الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ﴾ أي بعد جوع ﴿وَآمَنَهُم﴾ أمنهم ﴿مِّنْ خَوْفٍ﴾ بعد خوف. قال تعالى: «واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس فآواكم وأيدكم بنصره ورزقكم من الطيبات».
سورة الماعون
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ﴾ أي هل عرفت الذي يكذب بالبعث والجزاء
﴿فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ﴾ أي يدفعه بعنف، ويرده بزجر وخشونة
﴿وَلاَ يَحُضُّ﴾ لا يحث نفسه، ولا غيره ﴿عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ﴾ المحتاج للطعام؛ وذلك لأن من شأنه التكذيب بالبعث والجزاء: لا يبالي بما يفعل؛ أحراماً كان أم حلالاً؟ ما دام في ذلك تحقيق لرغبته، وإرضاء لنزوته؛ وما دام يعتقد ألا معقب على فعله، ولا محاسب على جرمه
﴿فَوَيْلٌ﴾ شدة عذاب؛ أو هو واد في جهنم
﴿الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ﴾ أي يؤخرونها
-[٧٦٤]- عن وقتها؛ فما بالك بمن لا يأتيها أصلاً