سُورَة البقرة
فصل
(إذا) في الكلام على ثلاثة أوجه:
أحدها: أن يكون ظرفا زمانيا، وفيها معنى الشرط،: لا يعمل فيها إلا جوابها نحو ما في هذه الآية من قوله تعالى (وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا) فالعامل في إذا (قالوا)؛ لأنَّه الجواب، ولا يجوز أن يعمل فيها (لقوا) لأنها في التقدير مضافة إلى لقوا، ولا يعمل المضاف إليه في المضاف، وكذا (إِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ) العامل فيها (قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ).
والثاني: أن يكون ظرفاً مكانياً نحو قولك: خرجت فإذا الناسُ وقوفٌ ويجوز أن تنصب (وقوفاً) على الحال؛ لأنَّ (إذا) ظرف مكان، وظروف المكان تكون أخبارًا عن الجثث، وهذه المسألة التي وقع الخلاف فيها بين سيبويه والكسائي لما اجتمعا عند يحيى بن خالد بن برمك. حدثنا أبو الحسن الحوفي بمصر عن أبي بكر بن الأدفوني عن أبي جعفر أحمد بن محمد النحاس عن علي بن سليمان حدثنا أحمد بن يحيى ومحمد بن يزيد قالا: لما ورد سيبويه بغداد شق أمره على الكسائي، فأتى جعفر بن يحيى والفضل بن يحيى فقال: أنا وليكما وصاحبكما وهذا الرجل قد قدم ليذهب بمحلي، فقالا له: فاحتل لنفسك فإنا سنجمع بينكما، فجمعا بينهما عند أبيهما، وحضر سيبويه وحده، وحضر الكسائي ومعه الفراء وعلي الأحمر، وغيرهما من أصحابه، فسألوه: كيف تقول (أظنُ العقربَ أشدّ لسعة من الزنبور فإذا هو هي أو فإذا هو إياها)؟ - قال: أقول فإذا هو هي، فأقبل عليه الجميع فقالوا: أخطأت ولحنت، فقال يحيى: هذا موضع مشكل، أنتما إماما مصريكما. فمن يحكم بينكما؟ - فقال الكسائي وأصحابه: الأعراب الذين على الباب، فأدخل أبو الجراح ومن وجد معه ممن كان الكسائي وأصحابه يحملون عنهم. فقالوا: نقول (فإذا هو إياها)، وانصرف المجلس على أنّ سيبويه قد أخطأ، وحكموا عليه بذلك. فأعطاه