وَمِنْ سُورَةِ (الْأَحْزَابِ)
قوله تعالى: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى)
قرأ نافع وعاصم (وَقَرْنَ) بفتح القاف، وقرأ الباقون (وَقِرْنَ) بالكسر، فأما من قرأ (وَقَرْنَ) فهي قراءة فيها نظر، وذلك أنّه لا يخلو أن يكون من " الوقار " أو من " القرار " فلا يجوز أنّ يكون من " الوقار " لأنّه إنما يقال: وقر يقر، مثل: وعد يعد. فإذا أمرت قلت (قِرن) كما قرأت الجماعة، وهذا على ميزان قولك: عِدن، ولا يجوز أن يكون من " القرار " لأنّه إنما يقال: قرّ في المكان يقِر بكسر القاف، وقرَّت عينه تقر، فلو كان من " القرار " لقيل: اقررن، ثم يستثقل تكرير (الراء) فتنقل حركتها إلى القاف، ثم تحذف إحدى الرائين لالتقاء الساكنين، وتحذف همزة الوصل للاستغناء عنها فيبقى (قِرن) كما قرأت الجماعة. فهذان الوجهان يجوزان في قراءة من كسر، وأما الفتح فبعيد إلا أنّه قد حُكي: قررت في المكان أقر، وهي لغة حكاها الكسائي. فيجوز على هذا أن يكون الأصل (اقررنَ) ثم فعل به ما فعل بـ اقررن، ثم ألقيت فتحة الراء على القاف، وحذفت لالتقاء الساكنين، وحذفت الهمزة للاستغناء عنها. كما فعل فيما تقدم، وأكثر ما يجيء هذا في (فَعِلت) نحو: ظَلْت وظِلْت ومَسْت ومِسْت وأحسست وأحست، وأنشد أبو زيد:
سِوى أنَّ العِتاقَ من المَطَايَا | أَحَسْنَ به فَهُنَّ إليه شُوسُ |
وقيل في التبرج: التبختر، وقيل: التكسر. وهو قول قتادة. وقيل الظهور.