سُورَةُ الشُّورَى مَكِّيَّةٌ (١) بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
﴿حم (١) عسق (٢) كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٣) ﴾
﴿حم عسق﴾ سُئِلَ الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَضْلِ: لِمَ يُقَطَّعُ حم عسق وَلَمْ يُقَطَّعْ كهيعص؟ فَقَالَ: لِأَنَّهَا سُورَةٌ أَوَائِلُهَا حم، فَجَرَتْ مَجْرَى نَظَائِرِهَا، فَكَانَ "حم" مبتدأ و"عسق" خَبَرَهُ، وَلِأَنَّهُمَا عُدَّا آيَتَيْنِ، وَأَخَوَاتُهَا مثل: "كهيعص" و"المص" و"المر" عُدَّتْ آيَةً وَاحِدَةً.
وَقِيلَ: لِأَنَّ أَهْلَ التَّأْوِيلِ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي "كهيعص" وَأَخَوَاتِهَا أَنَّهَا حُرُوفُ التَّهَجِّي لَا غَيْرَ، وَاخْتَلَفُوا فِي "حم" فَأَخْرَجَهَا بَعْضُهُمْ مِنْ حَيِّزِ الْحُرُوفِ وَجَعَلَهَا فِعْلًا وَقَالَ: مَعْنَاهَا حَمَّ أَيْ: قَضَى مَا هُوَ كَائِنٌ. (٢)
وَرَوَى عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ: ح حِلْمُهُ، م مَجْدُهُ، ع عِلْمُهُ، س سَنَاؤُهُ، ق قُدْرَتُهُ، أَقْسَمَ اللَّهُ بِهَا.
وَقَالَ شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ: ح حَرْبٌ يَعِزُّ فِيهَا الذَّلِيلُ وَيَذِلُّ فِيهَا الْعَزِيزَ مِنْ قُرَيْشٍ، م مُلْكٌ يَتَحَوَّلُ مِنْ قَوْمٍ إِلَى قَوْمٍ، ع عَدُوٌّ لِقُرَيْشٍ يقصدهم، س سيء، يَكُونُ فِيهِمْ، ق قُدْرَةُ اللَّهِ النَّافِذَةُ فِي خَلْقِهِ.

(١) أخرج ابن مردويه عن ابن عباس وابن الزبير- رضي الله عنهم-: نزلت (حم عسق) بمكة. وذكر صاحب البحر المحيط: ٧ / ٥٠٧ "أنها مكية في قول الحسن وعطاء وعكرمة وجابر. وقال ابن عباس: مكية إلا أربع آيات من قوله: "قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى" إلى آخر الأربع آيات فإنها نزلت بالمدينة. وقال مقاتل: فيها مدني قوله "ذلك الذي يبشر الله عباده" إلى "الصدور"، انظر: الدر المنثور: ٧ / ٣٣٥.
(٢) انظر: القرطبي: ١٦ / ١، وراجع فيما سبق: ١ / ٥٨-٥٩. وفي هذا الجزء ص "١٤٢" تعليق "٤".


الصفحة التالية
Icon