كتاب الإدغام وما يتعلق به
الإدغام ضربان: ساكن ومتحرك وهو: أن تصل حرفاً من المتماثل أو المتجانس أو المتقارب فترفع لسانك بلفظ الثاني منهما وتشدد الأول ولا يبقى له أثرا إلا إذا كان الأول مطبقا نحو: ﴿بَسَطْتَ﴾، و ﴿أَحَطْتُ﴾، و ﴿فَرَّطْتُ﴾، و ﴿أَوَعَظْتَ﴾ على قول من أدغمه ولابد من حقيقة الإطباق وهو إجماع فاعلم.
وأصل الإدغام من أدغمت اللجام في فم الفرس إذا أدخلته فيه وغيبته فاستعير ذلك لإدغام الحروف بعضها في بعض، فالحروف إذا تباعد مخرجها أو سكن الأول منها لم يجز فيه الإدغام، وما حكى عن ابن أبي شريح من قوله: ﴿قَدْ نَعْلَمُ﴾، و ﴿لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ﴾ في إدغام الدال في النون فهو خطأ بين، ولعله غلط عليه، وهكذا إدغام الميم في الفاء.
قال الخزاعي: سمعت الشذائي يقول: إدغام الميم في الفاء لحن وإن كان بينهما تقارب من أنهما شفويتان إلا أن الميم أضعف من الفاء ولا يدغم الأضعف في الأقوى، وإن كان الباء يدغم في الميم إنما ذلك إخفاء على الحقيقة، وهكذا الميم في الباء على ما نبين وإذا تماثل الحرفان وسكن الأول منهما فليس إلا الإدغام نحو: ﴿وَقَدْ دَخَلُوا﴾، و ﴿إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا﴾، وكذلك إذا كانا متقاربين نحو: ﴿إِذْ ظَلَمُوا﴾، وقد أدغم الكسائي ﴿نَخْسِفْ بِهِمُ﴾ لهذا التقارب، وأما ما روى أبو الحارث ﴿يَفْعَلُ ذَلِكَ﴾ ففيه بعد عظيم إلا أن بين اللام والذال تشابه لكونهما من أطراف اللسان مثله في التجانس ﴿بَلْ لَا﴾ أن يكون الواو إن كان انضم ما قبل الأولى سكنت مثل: ﴿آمَنُوا وَعَمِلُوا﴾ وهكذا الياءان إذا انكسر ما قبل الأولى وسكنت مثل ﴿فِي يَتَامَى النِّسَاءِ﴾، و ﴿الَّذِي يُوَسْوِسُ﴾ فلا يجوز الإدغام، وأما إذا انفتح ما قبل الواو وسكنت وبعدها واو من كلمة الأخرى مفتوحة نحو: ﴿عَصَوْا وَكَانُوا﴾، ﴿آوَوْا وَنَصَرُوا﴾، و ﴿عَفَوْا وَقَالُوا﴾ فالإدغام لا غير إلا ما حكى عن أبي سليمان والشموني طريق ابن شنبوذ وسنذكره وإن كان ضعيفا، وأجمعوا على قلب الأول من جنس الثاني إذا كان متقاربين في المخرج في حال طلب الإدغام للخفة وذلك لتراجم الحروف في المخارج وأكثر الإظهار في الحلقية إلا ما يحكى عن أهل المدينة في النون مع الخاء والغين وسنذكرها وأكثر الإدغام في حروف اللسان والأولى في الدال والطاء مع التاء الإدغام في