الوجه الثالث عشر من وجوه إعجازه (احتواؤه على جميع لغات العرب وبلغة غيرهم من الفرس والروم والحبشة وغيرهم)
وقد رأيت فيه تأليفاً مفرداً.
وقد أفردث في هذا النوع كتاباً سميته
" المهذب فما وقع في القرآن من العرّب ".
وألخص هنا ما وقع تَتِمة للفائدة، ومن الله أرجو حسن العائدة، بعد أن أذكر اختلاف العلماء في وقوع المعرّب في القرآن.
فالأكثرون، ومنهم الإمام الشافعي، وابن جرير، وأبو عبيدة، والقاضي أبو
بكر، وابن فارس، على عدم وقوعه فيه، لقوله تعالى: (قرآناً عَرَبيّاً).
وقوله: (وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ).
وقد شدد الشافعي النكير على القائل بذلك.
وقال أبو عبيدة: إنما أنْزِل القرآن بلسان عربي مبِين، فَمَنْ زعم أن فيه غير
العربية فقد أعظم القول.
ومن زعم أن كذا بالنبطية فقد أكبر القول.
وقال ابن فارس: لو كان فيه من لغة غير العرب شيء لتوهّم متوهم أن
العرب إنما عجزت عن الإتيان بمثله، لأنه أتى بلغات لا يعرفونها.
وقال ابن جرير: ما ورد عن ابن عباس وغيره من تفسير ألفاظ من القرآن
إنها بالفارسية أو الحبشية أو النبطية أو نحو ذلك إنما اتفق فيها توارد اللغات، فتكلمت بها العرب والفرس والحبشة بلفظ واحد.
وقال غيره: بل كان للعرب العاربة التي نزل القرآن بلغتهم بعض مخالطة
لسائر الألسنة في أسفارهم، فعلقت العرب من لغاتهم ألفاظاً غيرت بعضها
بالنقص من حروفها، واستعملتها في أشعارها ومحاوراتها، حتى جرت مجرى
العربي الفصيح، ووقع بها البيان.
وعلى هذا الحد نزل بها القرآن.
وقال آخرون: كل هذه الألفاظ عربية صرف، ولكن لغة العرب متسعة